الدين وخلاله (١) إلا أشدهم تباطئا عن طاعته ، وإذا كان هذا صفته لم ينظر إلى مال ولا إلى حال ، بل هذا المال والحال من تفضله ، وليس لاحد من عباده عليه ضريبة لازمة ، (٢) فلا يقال له : إذا تفضلت بالمال على عبد فلا بد أن تتفضل عليه بالنبوة أيضا ، لانه ليس لاحد إكراهه على خلاف مراده ، ولا إلزامه تفضلا ، لانه تفضل قبله بنعمة ، ألا ترى يا عبدالله كيف أغنى واحدا وقبح صورته؟ وكيف حسن صورة واحد وأفقره؟ وكيف شرف واحدا وأفقره؟ وكيف أغنى واحدا ووضعه؟ ثم ليس لهذا الغني أن يقول : هلا اضيف إلى يساري جمال فلان؟ ولا للجميل أن يقول : هلا اضيف إلى جمالي مال فلان؟ ولا للشريف « أن يقول : هلا اضيف إلى شرفي مال فلان؟ ولا للوضيع أن يقول : هلا اضيف إلى ضعتي شرف فلان؟ ولكن الحكم لله ، يقسم كيف يشاء ، ويفعل كما يشاء ، وهو حكيم في أفعاله ، محمود في أعماله ، وذلك قوله : « وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم » قال الله تعالى : « أهم يقسمون رحمة ربك » يا محمد « نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحيوة الدنيا » فأحوجنا بعضا ( بعضهم خ ل ) إلى بعض : أحوج ( أحوجنا خ ل ) هذا إلى مال ذلك ، وأحوج ( أحوجنا خ ل ) ذلك إلى سلعة هذا وإلى خدمته ، (٣) فترى أجل الملوك وأغنى الاغنياء محتاجا إلى أفقر الفقراء في ضرب من الضروب : إما سلعة معه ليست معه ، وإما خدمة يصلح لها لا يتهيأ لذلك الملك أن يستغني إلا به ، وإما باب من العلوم والحكم هو فقير إلى أن يستفيدها من هذا الفقير الذي يحتاج (٤) إلى مال ذلك الملك الغني وذلك الملك يحتاج إلى علم هذا الفقير أو رأيه أو معرفته ، ثم ليس للملك أن يقول : هلا اجتمع إلى مالي علم هذا الفقير؟ ولا للفقير أن يقول : هلا اجتمع إلى رأيي وعلمي وما أتصرف فيه من فنون الحكم مال هذا الملك الغني؟
____________________
(١) في المصدر : « جلاله » وكذا فيما تقدم.
(٢) في الاحتجاج ونسخة من التفسير : ضريبة لازب. قلت : الضريبة : الجزية. اللازب : الثابت.
(٣) في التفسير : وهذا إلى خدمته.
(٤) في المصدر هكذا. هو فقير إلى أن يستفيدها من هذا الفقير ، فهذا الفقير يحتاج اه.