ثم قال : « ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا» ثم قال : يا محمد قل لهم : « ورحمة ربك خير مما يجمعون » أي ما يجمعه هؤلاء من أموال الدنيا.
ثم قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : وأما قولك : لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الارض ينبوعا إلى آخر ما قلته ، فإنك اقترحت على محمد رسول الله أشياء : منها ما لو جاءك به لم يكن برهانا لنبوته ، ورسول الله يرتفع (١) أن يغتنم جهل الجاهلين ، ويحتج عليهم بما لا حجة فيه.
ومنها ما لو جاءك به كان معه هلاكك ، وإنما يؤتى بالحجج والبراهين ليلزم عباد الله الايمان بها لا ليهلكوا بها ، فإنما اقترحت هلاكك ورب العالمين أرحم بعباده وأعلم بمصالحهم من أن يهلكهم بما ( كما خ ل ) يقترحون.
ومنها المحال الذي لا يصح ولا يجوز كونه ، ورسول رب العالمين يعرفك ذلك ويقطع معاذيرك ويضيق عليك سبيل مخالفته ، ويلجئك بحجج الله إلى تصديقه حتى لا يكون لك عند ذلك محيد ولا محيص. (٢)
ومنها ما قد اعترفت على نفسك أنك فيه معاند متمرد ، لا تقبل حجة ولا تصغى إلى برهان ، ومن كان كذلك فدواؤه عذاب الله (٣) النازل من سمائه أو في جحيمه أو بسيوف أوليائه.
وأما قولك يا عبدالله : لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الارض ينبوعا بمكة هذه فإنها ذات حجارة وصخور وجبال ، تكسح أرضها وتحفرها ، وتجري فيها العيون فإننا إلى ذلك محتاجون ، فإنك سألت هذا وأنت جاهل بدلائل الله ، يا عبدالله أرأيت لو فعلت هذا كنت من أجل هذا نبيا؟ قال : لا ، قال : أرأيت الطائف التي لك فيها بساتين؟ أما كان هناك مواضع فاسدة صعبة أصلحتها وذللتها وكسحتها وأجريت فيها عيونا استنبطتها؟ قال : بلى ، قال : وهل لك فيها ( في هذا خ ل ) نظراء؟ قال : بلى ، قال : أفصرت بذلك أنت وهم أنبياء؟ قال : لا ، قال : فكذلك لا يصير هذا حجة لمحمد
____________________
(١) في التفسير : ورسول الله يرتفع شأنه عن أن يغتنم اه.
(٢) في المصدر : حتى لا يكون عنه محيد ولا محيص.
(٣) في نسخة : فجزاؤه عذاب الله.