ما أنتم على شئ وجحد نبوة عيسى وكفر بالانجيل فقال رجل من أهل نجران : ليست اليهود على شئ وجحد نبوة موسى وكفر بالتوراة فأنزل الله تعالى هذه الآية. والذين لا يعلمون : مشركوا العرب قالوا لمحمد صلىاللهعليهوآله وأصحابه إنهم ليسوا على شئ ، أو قالوا : إن جميع الانبياء واممهم لم يكونوا على شئ. (١)
وفي قوله : « وقالوا اتخذ الله ولدا » نزلت في النصارى حيث قالوا : المسيح ابن الله ، أو فيهم وفي مشركي العرب حيث قالوا : الملائكة بنات الله « سبحانه » تنزيها له عن اتخاذ الولد وعن القبائح والصفات التي لا تليق به (٢) « بل له ما في السموات والارض » ملكا ، والولد لا يكون ملكا للاب ، لان البنوة والملك لا يجتمعان ، أو فعلا ، والفعل لا يكون من جنس الفاعل ، والولد لا يكون إلا من جنس أبيه. (٣)
وفي قوله : « وقال الذين لا يعلمون » هم النصارى ، عن مجاهد ، واليهود ، عن ابن عباس ، ومشركو العرب ، عن الحسن وقتادة ، وهو الاقرب « أو تأتينا آية » أي موافقة لدعوتنا « وقد بينا الآيات لقوم يوقنون » أى فيما ظهر من الآيات الباهرات الدالة على صدقه كفاية لمن ترك التعنت والعناد ، ولو علم الله في إظهار ما اقترحوه مصلحة لاظهرها. (٥)
وفي قوله : « وقالوا كونوا هودا » عن ابن عباس أن عبدالله بن صوريا وكعب بن الاشرف ومالك بن الصيف وجماعة من اليهود ونصارى أهل نجران خاصموا أهل الاسلام كل فرقة تزعم أنها أحق بدين الله من غيرها ، فقالت اليهود : نبينا موسى أفضل الانبياء ، وكتابنا التوراة أفضل الكتب ، وقالت النصارى : نبينا عيسى أفضل الانبياء ، وكتابنا الانجيل أفضل الكتب ، وكل فريق منهما قالوا للمؤمنين : كونوا على ديننا ، فأنزل الله هذه الآية ، وقيل : إن ابن صوريا قال لرسول الله صلىاللهعليهوآله : ما الهدى
____________________
(١) مجمع البيان ١ : ١٨٨. قلت : أورد معنى ما قال الطبرسى ، راجع المصدر.
(٢) في التفسير المطبوع : « سبحانه » أى إجلالا له عن اتخاذ الولد وتنزيها عن القبائح والسوء والصفات التى لا تليق به.
(٣) مجمع البيان ١ : ١٩٢.
(٤) مجمع البيان ١ : ١٩٥.