ولكن :
أيتوقعون أيضاً أن ينزلق الناس وراء أهوائهم ، ويمنعوا في ارضاء شهواتهم ثم يقولون لدين الله : عليك ان تصحب الزمن وتناصر الحركة وتساير الركب لانك مرن تتسع لكل جديد وتنسجم مع كل حادث ؟!.
أو يأملون كذلك ان تختلف العقول وتتباين نظراتها ، وتتناقض نتائجها ثم يهتفون بالإسلام : عليك أن تؤمن بكل رأي ، وتصفق لأي قائل وتتبنى كل نظرية لانك الدين الذي وضعه الله للقرون ؟!.
أيطمعون بهذا كله وبأمثاله من دين الإسلام ، لأنه مرن يتسع لكل جديد ، ولأنهم يؤثرون أن يفسروا مرونته بما يشتهون ؟!.
أي دين هذا الذي يتلون مع الحوادث تلون الحرباء ؟! وأية شريعة هذه التي لاتحتفظ لذاتها بجوهر ولا تتميز بصبغة ، عدا هذا الانسجام البارد ، والتكليف المتناقض ؟!.
يعرف الإسلام من معنى التوجيه أن يأخذ بيد المتردي حتى ينهض به الى القمة ، لا أن ينزلق معه الى الهاوية ، وأن يتولى قيادة الغريق فينجيه الى الساحل ، لا ان يرتكس معه في اللجة ، وأن يسعف المبتلى حتى ينيله الصحة ، لا أن يرتطم معه في العلة !!.
ويعرف الإسلام من معنى التوجيه ان يحفز العقول على التسامي ويحضها على الاستكمال ويدلها على مواقع النظر ، ويومي لها الى وجوه البرهنة ، لا أن يؤمن بكل ما تستنتجه من نتيجة وبكل ما تلوج لها من لائحة.
الإسلام مرن يقبل كل جديد من الحق ويحترم كل ثابت من العلم ، وهذه إحدى بينات الصدق فيه وإحدى المميزات الغفيرة التي يعتز بها.