نشأت عن طريق المصادفة. فما هي تلك المصادفة إذن حتى نتدبرها ونرى كيف تخلق الحياة ؟.
إن نظريات المصادفة والاحتمال لها الآن من الأسس الرياضية السليمة ما يجعلها تطبق على نطاق واسع حيثما انعدم الحكم الصحيح المطلق وتضع هذه النظريات أمامنا الحكم الأقرب الى الصواب مع تقدير احتمال الخطأ في هذا الحكم ... ولقد تقدمت دراسة نظرية المصادفة والاحتمال من الوجهة الرياضية تقدما كبيراً حتى أصبحنا قادرين على التنبؤ بحدوث بعض الظواهر التي نقول إنها تحدث بالمصادفة والتي لانستطيع أن نفسر ظهورها بطريقة اخرى ( مثل قذف الزهر في لعبة النرد ). وقد صرنا بفضل هذه الدراسات قادرين على التمييز بين مايمكن أن يحدث بطريق المصادفة وما يستحيل حدوثه بهذه الطريقة ، وأن نحسب احتمال حدوث ظاهرة من الظواهر في مدى معين من الزمان. ولننظر الآن الى الدور الذي تستطيع أن تلعبه المصادفة في نشأة الحياة :
إن البروتينات من المركبات الأساسية في جميع الخلايا الحية. وهي تتكون من خمسة عناصر هي : الكربون ، والايدروجين ، والنيتروجين والاوكسجين ، والكبريت. ويبلغ عدد الذرات في الجزيء ، البروتيني الواحد ٤٠٠٠٠ ذرة ولما كان عدد العناصر الكيموية في الطبيعة ٩٢ عنصراً موزعة كلها توزيعاً عشوائياً ، فإن احتمال اجتماع هذه العناصر الخمسة لكي تكوّن جزيئاً من جزئيات البروتين يمكن حسابه لمعرفة كمية المادة التي ينبغي أن تخلط خلطاً مستمراً لكي تؤلف هذا الجزيء ثم لمعرفة طول الفترة الزمنية اللازمة لكي يحدث هذا الاجتماع بين ذرات الجزيء الواحد.