الشكر إمّا لكمال عقل المنعم عليه أو لبلوغ دعوة نبيّ زمانه المقيّد به وجوب الشكر عقلا في كلماتهم.
فاذا احتمل وجوب شكر مخصوص معيّن من قبل المنعم بالإضافة إلى كلّ نعمة بما يناسبها حتّى نعمة القلب بتحليتها بالمعرفة نظرا إلى أن الشكر صرف النعمة فيما خلقت لأجله فلا محالة يحتمل العقاب على ترك تلك الوظيفة المعيّنة من قبل المنعم فيجب دفعه عقلا.
وأما مجرّد زوال النعمة فليس ممّا يتعقّبه عقاب ولا مما يستقلّ العقل بدفعه.
إلا أن نتيجة هذا الاستدلال ليس وجوب الشكر بما هو شكر عقلا ، بل بما هو ترك واجب شرعي كسائر الواجبات المولويّة ، فلا يحتاج الالزام بتحصيل المعرفة إلى الالتزام وجوب الشكر لاحتمال وجوبه مولويّا ، فان نفس هذا الاحتمال كما سيجيء إن شاء الله تعالى متحقّق في نفس وجوب تحصيل المعرفة بعنوانها.
مضافا إلى ما مرّ وسيجيء أيضا أن دفع الضرر المحتمل بل المقطوع به لا الزام به عقلا ولا يندرج تحت قاعدة التحسين والتّقبيح العقليّين ، لما مرّ مرارا من عدم كون الإقدام على محتمل العقاب أو مقطوع العقاب موردا لذم آخر أو لعقاب آخر ، بل العقاب مقطوعا كان أو محتملا مما يفرّ عنه طبعا كل ذي شعور وسيجيء إن شاء الله تعالى بقيّة الكلام.
١٦٧ ـ قوله « قده » : فانّهم وسائط نعمه وآلائه ... الخ (١).
إن أريد لزوم معرفة وسائط النعم في تحقّق شكر المنعم الحقيقي فهو مما لا برهان عليه لعدم التوقف عقلا.
__________________
(١) كفاية الأصول / ٣٣٠.