ومما ذكرنا تبين أن أمر نقيض المذكى أشكل من أمر موضوع الحرمة والنجاسة ، فانه يمكن فرض موضوع الحرمة والنجاسة مركبا من زهاق الروح وعدم الذبح الخاص بنحو العدم المحمولي ، ولا يمكن فرضه في النقيض المحكوم بديله بالحلية والطهارة ، كما عرفت.
ثم إنه لو كان هناك في الأدلة عموم وإطلاق استثني منه المذكى ، ولم يكن العام أو المطلق معنونا بعنوان وجودي أو عدمي ، لا من حيث نفسه ، ولا من حيث التنويع من قبل المخصص ، كما حققناه في محله (١) ، لأمكن إثبات حكم العام باحراز عنوان مباين لعنوان الخاص ، ونفي حكم الخاص بالمضادّة ، لا نفي حكم الخاص بنفي موضوعه ، حتّى يقال : إن موضوع الخاص أخذ بوجوده الرابطي ، ولا يمكن إحراز عدمه الرابطي بالأصل ، ونفي عدمه الرابطي بعدمه المحمولي لا يمكن إلا بالأصل المثبت.
فكما يقال : في مثل قوله (عليه السلام) : ( المرأة ترى الحمرة إلى خمسين سنة إلا أن تكون امرأة من قريش ) (٢) إن نفي كونها قرشية غير ممكن ، وبأصالة عدم الانتساب إلى قريش لا يثبت أنها ليست بقرشية أو غير قرشية ، إلا أن المستثنى منه حيث لم يؤخذ معنونا بعنوان وجودي ولا عدمي ، فهو محكوم بحكمه بأي عنوان كان. ومن العناوين الداخلة في العام المباينة لعنوان كون المرأة من قريش هي المرأة التي لا انتساب لها إلى قريش ، وكونها مرأة وجدانية ، وعدم انتسابها بالعدم الازلي متيقّن فيستصحب إلى حال
__________________
(١) نهاية الدراية : ٢ ، التعليقة : ١٨٩.
(٢) بلفظه لم نعثر عليه ، ولعله اشارة الى الحديث التالي : عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد عن الحسن بن طريف عن ابن أبي عمير عن بعض اصحابنا عن ابي عبد الله عليه السلام قال : إذا بلغت المرأة خمسين سنة لم تر حمرة إلاّ أن تكون امرأة من قريش. الكافي : ٣ / ١٠٧.