وأما إذا توسط بين السبب المقدور ، أو الشرط كذلك ، أو المعد كذلك واسطة إلى أن انتهى الأمر إلى الضرر ، فشأن الواسطة المترتبة قهرا على العلة المقدورة شأن نفس الضرر المترتب عليها ، فحينئذ توصف بالاختيارية وتكون مشمولة للقاعدة.
وإن لم يكن للواسطة ترتب على العلة المقدورة ، فهي على قسمين :
أحدهما : ما إذا كان شرطا ، فإن الشرط لا ترتب له على مشروطه ، ولا على معده ، وإن توقف تأثيرهما عليه ، ففي الحقيقة الترتب الطبعي لهما عليه ، دون عكسه.
ثانيهما : ما إذا كان معدا آخر في عرض المعد المقدور ، فانه أيضا على الفرض لا ترتب له على المعد المقدور ، وبلحاظه يقال : بعدم استناد الضرر إلى موجد المقتضي ، أو موجد المعدّ المقدور.
أما الأول ، فالفعل الاختياري الذي يترتب عليه الضرر بواسطة بشرط غير اختياري ، لا يخرج المترتب عليه عن كونه مقدورا بالواسطة ، بسبب عدم اختيارية شرطه ، كما في إلقاء النار بالاختيار ، فان يبوسة المحل شرط ، فاذا حصل اليبوسة لا بالاختيار ، ولو بسبب النار لم يكن الاحراق المترتب على الالقاء خارجا عن الاختيار.
ومن الواضح أن المقتضي الاختياري يكون مقتضاه اختياريا ، ولو كانت شرائط تأثيره غير اختيارية.
وأما الثاني : فان كان عدم مقدورية الضرر لعدم كون معداته جميعا اختيارية ، فقد عرفت : أنه لا يجب أن يكون شرط تأثيره اختياريا فضلا عن معده.
ولذا لا شبهة في أنه إذا تقدم المعد الغير الاختياري ثم وجد المعد الاختياري ، كان المعلول المترتب عليهما اختياريا.