بريهة وذهب يقوم(١) فتعلق به هشام قال : ما يمنعك من الاسلام؟ أفي قلبك حزازة فقلها ، وإلا سألتك عن النصرانية مسألة واحدة تبيت عليها ليلتك(٢) هذه فتصبح وليست لك همة غيري؟ قالت الاساقفة : لا ترد هذه المسألة لعلها تشكل ، قال بريهة : قلها يا أبا الحكم.
قال هشام : أفرأيتك الابن يعلم ماعند الاب؟ قال : نعم ، (٣) قال : أفرأيتك الاب يعلم كل ما عند الابن؟ قال : نعم ، قال : أفرأيتك تخبر عن الابن ، أيقدر على كل ما يقدر عليه الاب؟ قال : نعم ، قال : أفرأيتك عن الاب أيقدر على كل ما يقدر عليه الابن؟ قال : نعم ، قال : فكيف يكون واحد منهما ابن صاحبه وهما متساويان؟ وكيف يظلم كل واحد منهما صاحبه؟ قال بريهة ليس منهما ظلم ، (٤) قال هشام : من الحق بينهما أن يكون الابن أب الاب ، والاب ابن الابن ، بت عليها يا بريهة وافترق النصارى وهم يتمنون أن لا يكونوا رأوا هشاما ولا أصحابه.
قال : فرجع بريهة مغتما مهتما حتى صار إلى منزله ، فقالت امرأته التي تخدمه : مالي أراك مهتمامغتما؟ فحكى لها الكلام الذي كان بينه وبين هشام ، فقالت لبريهة : يحك أتريد أن يكون على حق أو على باطل؟ قال بريهة : بل على الحق ، فقالت له : أينما وجدت الحق فمل إليه؟ وإياك واللجاجة فإن اللجاجة شك ، والشك شؤم ، وأهله في النار.
قال : فصوب قولها وعزم على الغدو على هشام ، قال : فغدا إليه(٥) وليس معه أحد من أصحابه ، فقال : يا هشام ألك من تصدر عن رأيه فترجع إلى قوله وتدين بطاعته؟ قال هشام : نعم يا بريهة ، قال : وما صفته؟ قال هشام : في نسبه أو دينه؟ قال فيهما جميعا صفة نسبه وصفة دينه ، قال هشام : أما النسب خير الانساب : رأس العرب
__________________
(١) في المصدر : فذهب ليقوم.
(٢) في نسخة : تلبث عليها ليلتك.
(٣) في نسخة هنا زيادة وهى هذه : قال : فالاب يعلم ما يعلمه الابن.
(٤) في نسخة : ليس بينهما ظلم.
(٥) في هامش المصدر : فغدا عليه خ.