المسميات ، والاول أوجه ، فقال بريهة : هذا الكلام مجهول غير معقول ، قال هشام : بل هو معروف عند العقلاء موجه ، فقال : إن الابن متصل بالاب ، أي متحد معه ، فقال : بل الابن يكون جزء من الاب منفصلا منه ، فكيف يجوز اتحاده به؟
قوله : « هذا خلاف ما يعقله الناس » لعله بني الكلام على المغالطة فإن الناس يقولون : إن الابن متصل بالاب غير منفصل عنه ، أي هو متحد معه في الحقيقة مرتبط به يشتركان في الاحوال غالبا ، فحمله على الوحدة الحقيقية ، فغير هشام الكلام إلى مالا يحتمل المغالطة ، (١) فقال : لو كان شهادة الناس حجة فهم يحكمون بأن الاب متقدم وجوده زمانا على وجود الابن فلم لاتقول به؟.
قوله : « بقدرة القديم » أي حصل هذان الاسمان بقدرة القديم ، فسأله هشام عن قدم الاسمين فقال : لا بل هما محدثان ، فاستدل هشام على بطلان الاتحاد بمنبهات فسأله عن محدث الاسماء ، ثم قال : إن قلت : إن المحدث هو الابن دون الاب فالحكم بالاتحاد يقتضي أن يكون الاب ايضا محدثا وهو خلاف الفرض ، وكذا العكس ، فأراد التفصي عن ذلك فقال : الروح لما نزلت إلى الارض سميت بالابن ، ثم ندم عن ذلك ورجع وقال : قبل النزول أيضا كانت ابنا.
ويحتمل أن يكون مراده أنها من حيث النزول والاتصال بالبدن سميت ابنا فسبب التسمية حادث ، والتسمية قديم ، فسأله هشام : هل كان قبل النزول شيئان لهما اسمان؟ فقال : لا بل كانت روح واحدة ، ولما كان كلامه متهافتا متناقضا وجهه هشام بأنه يكون بعضه مسمى بالابن ، وبعضه مسمى بالاب ، فلم يرض بذلك فحكم باتحاد الاسمين أيضا كاتحاد المسميين ، ويحتمل أن يكون مراده بالاسم ههنا المسمى فقال هشام : الابن أمر إضافي لابد له من أب والحكم بالاتحاد يقتضي أن يكون الابن أبا للاب ، والحال أن الاب لابد أن يكون أبا لابن فكيف يكون الاب والاين واحدا؟ ولا يبعد أن يكون في الاصل : « فالابن ابن الاب » أي البنوة الاضافية تقتضي
__________________
(١) بل استدل على ما كان بصدده من إثبات أن الابن منفصل عن الاب بفهم الناس وشهادتهم بعد ما أبان بريهة ان قول الناس حجة ، فقال : إن كان ما يعقله الناس شاهدا لنا وعليك فقد غلبتك لان الاب كان ولم يكن الابن ، فكان الابن منفصلا عن الاب لان الناس يحكمون بحدوثه بعده.