قوله عليهالسلام : « إن عيسى لم يخالف السنة » لعل المعنى أن ظاهر قوله : « مقيم السنة » أنه يأتي بسنة جديدة ، وعيسى لم ينسخ شرعه التوراة ، بل أحل لهم بعض الذي حرم عليهم.
قوله عليهالسلام : « لافي شئ أقامه » أي في مادة قديمة كما زعمته الفلاسفة. قوله : « ومثله له » أي مثل أولا ذلك الشئ للشئ الكائن ، ثم خلق الكائن على حذوه كما هو شأن المخلوقين ، ويحتمل أن يكون ضمير « له » راجعا إلى الصانع تعالى.
قوله عليهالسلام : « والحاجة يا عمران لايسعها » أي لايسع الخلق الحاجة ولايدفعها ، لان كل من خلق لو كان على وجه الاحتياج لكان يحتاج لحفظه وتربيته ورزقه و دفع الشرور عنه إلى أضعافه من الخلق وهكذا. قوله : « هل كان الكائن معلوما في نفسه عند نفسه » أقول : هذا الكلام وجوابه في غاية الاغلاق وقد خطر بالبال في حله وجوه لايخلو كل منها من شئ :
الاول : أن يكون المراد بالكائن الصانع تعالى ، والمعني أن الصانع تعالى هل كان معلوما في نفسه عند نفسه قبل وجوده؟ فأجاب عليهالسلام بأن المعلمة قبل الشئ إنما يكون لشئ يوجده غيره فيصوره في نفسه حتى يدفع عنه ماينافي وجوده وكماله ثم يوجده على ما تصوره ، والواجب الوجود بذاته ذاته مقتض لوجوده ، ولا مانع لوجوده حتى يحتاج إلى ذلك ، فلذلك هو أزلي غير معلول.
الثانى : أن يكون المراد بالكائن الصانع أيضا ، ويكون المعنى : هل هو معلوم عند نفسه بصورة حاصلة في ذاته؟ ولذا قال : في نفسه ، فأجاب عليهالسلام بأن الصورة الحاصلة إنما تكون لشئ يشترك مع غيره في شئ من الذاتيات ، ويخالفه في غيرها فيحتاج إلى الصورة الحاصلة لتعينه وتشخصه وامتيازه عما يشاركه ، فأما البسيط المطلق الذي تشخصه من ذاته ولم يشارك غيره في شئ من الذاتيات فلا يحتاج لمعرفة نفسه إلى حصول صورة ، بل هو حاضر بذاته عند ذاته ، فقوله : « ولم يكن هناك شئ يخالف » أي شئ يخالف في بعض الذاتيان فتدعوه الحاجة إلى نفي ذلك الشئ عن نفسه بتحديد ما علم من ذاته بجنس وفصل وتشخص.