فلم لايجوز أن يكون علمه تعالى بأصل الاشياء على وجه لايحتاج إلى صورة وضمير؟.
ثم لما أفسد عليهالسلام الاصل الذي هومبنى كلام السائل أقام البرهان على امتناع حلول الصور فيه ، واتصافه بالضمير ، لمنافاته لوحدته الحقيقية ، واستلزامه التجزي والتبعض ، وكونه متصفا بالصفات الزائدة ، وكل ذلك ينافي وجوب الوجود ، فليس فيه تعالى عند إيجاد المخلوقين سوى الثأثير من غير عمل وروية وتفكر وتصوير وخطور وتجربة وذهاب الفكر إلى المذاهب ، وسائر ما يكون في الناقصين العاجزين من الممكنات.
قوله عليهالسلام : « على ستة أنواع » لعل الاول مايكون ملموسا وموزونا ومنظورا إليه ، والثاني : ما لايكون له تلك الاوصاف كالروح ، وإنما عبر عنه بما لاذوق له اكتفاء ببعض صفاته ، وفي بعض النسخ : « ومالا لون له(١) وهو الروح » وهو أظهر للمقابلة. والثالث : مايكون منظورا إليه ، ولا يكون ملموسا ولا محسوسا ولا موزونا ولالون له كالهواء أوالسماء ، فالمراد بكونه منظورا إليه أنه يظهر للنظر بآثاره ، أوقديرى ولالون له بذاته ، أو يراد به الجن والملك وأشباههما ، والظاهر أن قوله : « ولالون » زيد من النساخ. والرابع : التقدير ويدخل فيه الصور والطول والعرض.
والخامس : الاعراض القارة المدركة بالحواس ، كاللون والضوء ، وهو الذي عبرعنه بالا عراض. والسادس : الاعراض الغير القارة كالاعمال والحركات التي تذهب هي وتبقى آثارها. ويمكن تصوير التقسيم بوجوه اخر تركناها لمن تفكر فيه.
قوله عليهالسلام : « مشيته واسمه وصفته » يحتمل أن يكون المعنى آثار المشية و الصفات ، فإنها قدعرفنا الله بها وهي محدثات ، أوالمعنى أن كل ما نتعقل من صفاته تعالى وندركه بأذهاننا فهي مخلوقة مصنوعة ، والله تعالى غيرها ، وقدمر تحقيق ذلك في كتاب التوحيد.
__________________
(١) وقد عرفت ان في بعض النسخ ايضا : مالا وزن له.