(باب ٢٤)
*(احتجاج أبى محمد الحسن بن على العسكرى عليهما السلام)*
١ ـ قب : أبوالقاسم الكوفي كتاب التبديل إن إسحاق الكندي(١) كان فيلسوف العراق في زمانه ، أخذ في تأليف تناقض القرآن وشغل نفسه بذلك وتفرد به في منزله ، وإن بعض تلامذته دخل يوما على الامام الحسن العسكري عليهالسلام ، فقال له أبومحمد عليهالسلام : أمافيكم رجل رشيد يردع استادكم الكندي عما أخذ فيه من تشاغله بالقرآن؟ فقال التلميذ : نحن من تلامذته كيف يجوزمنا الاعتراض عليه في هذا أؤ في غيره ، فقال له أبومحمد عليهالسلام : أتؤدي إليه ما القيه إليك؟ قال : نعم ، قال : فصر فسرخ إليه وتلطف في مؤانسته ومعونته على ماهو بسبيله ، فإذا وقعت المؤانسة في ذلك فقال : قد حضرتني مسألة ، أسألك عنها؟ فإنه يستدعي ذلك منك ، فقل له : إن أتاك هذا المتكلم بهذا القرآن هل يجوز أن يكون مراده بما تكلم به منه غير المعاني التي قد ظننتها أنك ذهبت إليها؟ فإنه سيقول : إنه من الجائز ، لانه رجل يفهم إذا سمع ، فإذا أوجب ذلك فقل له : فما يدريك لعله قد أراد غير الذي ذهبت أنت إليه ، فتكون واضعا لغير معانيه. فصار الرجل إلى الكندي وتلطف إلى أن ألقى عليه هذه المسألة ، فقال له : أعد علي ، فأعاد عليه فتفكر في نفسه ورأى ذلك محتملا في اللغة ، وسائغا في النظر.(٢)
أقول : قدأوردنا وسنورد عمدة احتجاجاتهم عليهمالسلام وحلها في أبواب تاريخهم صلوت الله عليهم ، وأبواب المواعظ والحكم ، وأبواب التوحيد والعدل والمعاد ، وسائر أبواب الكتاب ، وإنما أوردنا ههنا مالا يخص بابا من الابواب ، وسيأتي احتجاجات القائم وماروي عنه عليهالسلام من جوامع العلوم في كتاب الغيبة إن شاء الله تعالى.
__________________
(١) هواسحاق بن حنين بن اسحاق الكندى طبيب وفيلسوف كان هو كأبيه قد نقل إلى العربية عن اليونانية او عن ترجماتها كتب الفلسفة والرياضيات كاصول الهندسة لاقليدس ، والمجسطى لبطلميوس ، والكرة والا سطوانة لارخميدس ، وسوفسطس لافلاطون ، والمقولات لارسطو ، توفى في بغداد في ربيع الاخرسنة ٢٩٨ او ٢٩٩ ، كان قد خدم مع الخلفاء والرؤساء من خدمه أبوه ، ثم انقطع إلى القاسم بن عبيدالله وزير المعتضد بالله.
(٢) مناقب آل أبى طالب ج ٢ : ٤٥٩.