ومسند أحمد (١) ومستدرك الحاكم على الصحيحين (٢) ، ويلاحظ هنا أنّ البخاري الذي نقل هذا الحديث كان معاصراً للإمام الجواد والإمامين الهادي والعسكري ، وفي ذلك مغزىً كبير ؛ لأنه يبرهن على أنّ هذا الحديث قد سجّل عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قبل أن يتحقق مضمونه وتكتمل فكرة الأئمة الاثني عشر فعلاً ، وهذا يعني أنه لا يوجد أي مجال للشك في أن يكون نقل الحديث متأثراً بالواقع الإمامي الاثني عشري وانعكاسات أو تبريرات لواقع متأخر زمنياً لا تسبق في ظهورها وتسجيلها في كتب الحديث ذلك الواقع الذي تشكل انعكاساً له ، فما دمنا قد ملكنا الدليل المادي على أنّ الحديث المذكور سبق التسلسل التاريخي للأئمة الاثني عشر ، وضبط في كتب الحديث قبل تكامل الواقع الإمامي الاثني عشري ، أمكننا ان نتأكد من أنّ هذا الحديث ليس انعكاساً لواع وإنما هو تعبير عن حقيقة ربانية نطق بها من لا ينطق عن هوى (٣) ، فقال : « إنّ الخلفاء بعدي اثنا عشر» (٤). وجاء الواقع الإمامي الاثني عشري ابتداءً من الإمام عليٍّ وانتهاءً بالمهدي ؛ ليكون التطبيق الوحيد المعقول (٥) لذلك الحديث النبوي الشريف.
__________________
والترمذي ، وفي الهامش قال : رواه أبو داود في كتاب المهدي بلف : « لا يزال هذا الدين قائماً حتى يكون عليكم اثنا عشر خليفة...» ، وراجع سنن أبي داود ٢ : ٢٠٧.
(١) مسند الإمام أحمد ٥ : ٩٣ ، ١٠٠.
(٢) المستدرك على الصحيحين ٣ : ٦١٨.
(٣) إشارة إلى قوله تعالى : ( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى * إن هُوَ إلاّ وَحْيٌ يُوحَى ) النجم : ٣ ـ ٤.
(٤) تقدم تخريج الحديث.
(٥) اضطرب العلماء في تأويله بعد إطباقهم على صحته ، وما أوردوه من مصاديق لا يمكن قبولها ، بل إنّ بعضها غير معقول تماماً كإدخالهم يزيد بن معاوية المجاهر بالفسق ، المحكوم بالمروق والكفر أو من هو على شاكلته. راجع ما نقله السيد ثامر العميدي من أقوالهم وقد ناقش هذه القضية مناقشة وافية وعلمية ، وأبطل تأويلاتهم بما لا مزيد عليه في دفاع عن الكافي ١ : ٥٤٠ وما بعدها.