المهدي ، وإيراده أدلةً وافية متينة واعترافات من أهل السنّة بدءأ من القرن الرابع الهجري وحتى قرننا الحالي بولادة الإمام المهدي ووجوده الشريف (١) ، وأخيرأ مناقشته الطريفة لفرية السرداب (٢) وغيرها.
لقد أوردت هاتين الدراستين بصفتهما نموذجين حديثين للدراسات التي التزمت بمسلك العلماء المتقدمين والإفادة منهم واتّباع منهجهم ، وإلّا فهناك عشرات الدراسات لأفاضل العلماء والمحققين ممن برع في مناقشة تلك القضية (٣).
٢ ـ المنهج العقلي ( منهج الشهيد الصدر رضي الله عنه ) :
لم ينطلق الشهيد الصدر في بحثه (قضية المهدي ) من بديهيات ومقدمات مسلم بها عند الأطراف ، ولم يعتمد تتّبع القضية في كتب التفسير والرواية ، أو مناقشة ما ورد بشأنها من أسانيد ، وإنما سلك مسلكاً آخر ، فبدأ بطرح الإثارات حول القضية وعرض التساؤلات والإشكالات المنتزعة مما قيل ويقال حول القضية ، ثمّ بدأ بالمناقشة العميقة والدقيقة معتمدأ الدليل العقلي ، ومستندأ إلى معطيات العلم والحضارة المعاصرة ، ونعرض معالم هذا المنهج كما يأتي :
ألف ـ لقد مهّد السيد الشهيد لبحثه بإعطاء تصور واضحٍ لفكرة المهدي (٤) في جذورها الممتدّة إلى التراث الديني والإنساني ، ثم انتقل إلى تأصيلها في الفكر الإسلامي ، ثم عرضها في التصور الإسلامي على أنّها ليست مجرّد فكرة وأمل
__________________
(١) دفاع عن الكافي ١ : ٥٣٥.
(٢) المصدر نفسه ١ : ٥٩٣.
(٣) راجع ما أشار إليه وذكره الشيخ العباد في دراسته المشار إليها سابقاً ، وراجع ما ذكره السيد الجلالي أيضأ في بحثه المذكور في مطلع المقدمة ، وراجع دراسة الشيخ علي محمد علي دخيل المشار إليها في الصحيفة ٣٢.
(٤) راجع الصحيفة ٥٥ وما بعدها من هذا الكتاب.