تبدو عليه أعراض الشيخوخة كما نصّ على ذلك الأطباء (١). بل إن العلماء استطاعوا عمليأ أن يستفيدوا من مرونة ذلك القانون الطبيعي المفترض ، فأطالوا عمر بعض الحيوانات مئات المرات بالنسبة إلى أعمارها الطبيعية؟ وذلك بخلق ظروف وعوامل تؤجل فاعلية قانون الشيخوخة.
وبهذا يثبت عملياً أن تأجيل هذا القانون بخلق ظروف وعوامل معيّنة أمر ممكن عملياً ، ولئن لم يتح للعلم أن يمارس فعلاً هذا التأجيل بالنسبة إلى كائنٍ معقد معين كالإنسان ، فليس ذلك إلاّ لفارق درجة بين صعوبة هذه الممارسة بالنسبة إلى الإنسان وصعوبتها بالنسبة إلى أحياء أخرى. وهذا يعني أن العلم من الناحية النظرية وبقدر ما تشير إليه انجاهاته المتحركة لا يوجد فيه أبداً ما يرفض إمكانية إطالة عمر الإنسان ، سواء فشرنا الشيخوخة بوصفها نتاج صراع واحتكاك مع مؤثرات خارجية أو نتاج قانون طبيعي للخليّة الحيّة نفسها يسير بها نحو الفناء.
ويتلخص من ذلك : أن طول عمر الإنسان وبقاءه قروناً متعددة أمر ممكن منطقياً وممكن عملياً ، ولكنه لا يزال غير ممكن عملياً ، إلاّ أن اتجاه العلم سائر في طريق تحقيق هذا الإمكان عبر طريق طويل.
وعلى هذا الضوء نتناول عمر المهدي عليه الصلاة والسلام وما أحيط به من استفهام أو استغراب ، ونلاحظ :
إنه بعد أن ثبت إمكان هذا العمر الطويل منطقياً وعلمياً ، وثبت أن العلم
__________________
(١) يؤكد الأطباء والدراسات الطبية على هذه الملاحظة ، وأن لديهم مشاهدات كثيرة في هذا المجال ، ولعل هذا هو الذي دفعهم إلى إجراء محاولات وتجارب لإطالة العمر الطبيعي للإنسان ، وكالمعتاد كان مسرح التجربة في البداية هي الحيوانات لميسورية ذلك ، وعدم وجود محاذير اخرى تمنع إجراء مثل تلك التجارب على الإنسان.