وقد عرفنا حتى الآن أنّ العمر الطويل ممكن علمياً ، ولكن لنفترض أنه غير ممكن علمياً ، وانّ قانون الشيخوخة والهرم قانون صارم لا يمكن للبشرية اليوم ، ولا على خطها الطويل ان تتغلب عليه ، وتغير من ظروفه وشروطه ، فماذا يعني ذلك؟ إنّه يعني أنّ إطالة عمر الإنسان ـ كنوحٍ أو كالمهدي ـ قروناً متعددة ، هي على خلاف القوانين الطبيعية التي أثبتها العلم بوسائل التجربة والاستقراء الحديثة ، وبذلك تصبح هذه الحالة معجزة عطلت قانوناً طبيعياً في حالة معينة للحفاظ على حياة الشخص الذي أنيط به الحفاظ على رسالة السماء ، وليست هذه المعجزة فريدة من نوعها ، او غريبة على عقيدة المسلم المستمدة من نصّ القرآن والسنّة (١) ، فليس قانون الشيخوخة والهرم أشدّ صرامة من قانون انتقال الحرارة من الجسم الأكثر حرارة إلى الجسم الأقل حرارة حتى يتساويا ، وقد عطّل هذا القانون لحماية حياة أبراهيم عليهالسلام حين كان الأسلوب الوحيد للحفاظ عليه تعطيل ذلك القانون. فقيل للنار حين ألقي فيها إبراهيم ( قلنا يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم) أنبياء : ٦٩ ، فخرج منها كما دخل سليماً لم يصبه أذىً ، إلى كثير من القوانين الطبيعية التي عطّلت
__________________
(١) أي أنّ الأمر يصبح من قبيل المعجز ، وهو ما نطق به القرآن ، وجاء في صحيح السنّة المطهرة ، والإعجاز حقيقة رافقت دعوة الأنبياء ، وادّعاء سفارتهم عن الحضرة الإلهية ، وهو ما لا يسع المسلم إنكاره أو الشك فيه ، بل إنّ غير المسلم يشارك المسلم في الاعتقادات بالمعجزات.