لحماية أشخاص من الأنبياء وحجج الله على الارض ، ففلق البحر لموسى (١) ، وشبّه للرومان أنهم قبضوا على عيسى (٢) ولم يكونوا قد قبضوا عليه ، وخرج النبي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم من داره وهي محفوفة بحشود قريش التي ظلّت ساعات تتربص به لتهجم عليه ، فستره الله تعالى عن عيونهم وهو يمشي بينهم (٣). كلّ هذه الحالات تمثل قوانين طبيعية عطّت لحماية شخص ، كانت الحكمة الربانية تقتضي الحفاظ على حياته ، فليكن قانون الشيخوخة والهرم من تلك القوانين.
وقد يمكن ان نخرج من ذلك بمفهوم عام وهو انه كلّما توقف الحفاظ على حياة حجة لله في الارض على تعطيل قانون طبيعي ، وكانت إدامة حياة ذلك الشخص ضرورية لإنجاز مهمته التي اُعدّ لها ، تدخلت العناية الربانية في تعطيل ذلك القانون لإنجاز ذلك ، وعلى العكس اذا كان الشخص قد انتهت مهمته التي اُعِدّ لها ربانياً فإنه سيلقى حتفه ويموت أو يستشهد وفقاً لما تقرره القوانين الطبيعية.
ونواجه عادة بمناسبة هذا المفهوم العام السؤال التالي :كيف يمكن ان يتعطل القانون (٤)؟ وكيف تنفصم العلاقة الضرورية التي تقوم بين الظواهر الطبيعية؟ وهل هذه إلاّ مناقضة للعلم الذي اكتشف ذلك القانون الطبيعي ، وحدّده هذه العلاقة
__________________
(١) إشارة الى قوله تعالى : ( فأَُوْحُيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِعَصَاكَ البَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ ) الشعراء : ٦٣.
(٢) إشارة الى قوله تعالى : ( وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ ... ) النساء : ١٥٧.
(٣) راجع : سيرة ابن هشام ٢ : ١٢٧ ، فقد نقل هذه الحادثة وهي مجمعٌ عليها.
(٤) قد يقال : إنّ القانون بصفته قانوناً لابدّ أن يطّرد ، ولا يتصور التعطيل والانخرام ، وقد لاحظ بعضهم أنّ الانخرام إنما هو بقانون آخر ، كما هو الأمر بالنسبة إلى قانون الجاذبية ، الذي يستلزم جذب الأشياء الى المركز ، ومع ذلك فإنّ الماء يصعد بعملية الامتصاص في النباتات من الجذر إلى الأعلى بواسطة الشعيرات ، وهذا بحسب قانون آخر هو ( الخاصية الشعرية ). راجع : القرآن محاولة لفهم عصري / الدكتور مصطفى محمود.