قدرة من الناحية النفسية (١) على مواجهتها والصمود في وجهها ومواصلة العمل ضدها حتى النصر.
ومن الواضح أنّ الحجم المطلوب من هذا الشعور النفسي يتناسب مع حجم التغيير نفسه ، وما يراد القضاء عليه من حضارة وكيان ، فكلما كانت المواجهة لكيان أكبر ولحضارة أرسخ وأشمخ تطلّبت زخماً أكبر من هذا الشعور النفسي المفعم.
ولما كانت رسالة اليوم الموعود تغيير عالم مليء بالظلم وبالجور ، تغييراً شاملاً بكل قيمه الحضارية وكياناته المتنوعة ، فمن الطبيعي ان تفتش هذه الرسالة عن شخص أكبر في شعوره النفسي من ذلك العالم كله ، عن شخص ليس من مواليد ذلك العالم الذين نشأوا في ظل تلك الحضارة التي يراد تقويضها واستبدال حضارة العدل والحق بها ؛ لأنّ من ينشأ في ظل حضارة راسخة ، تعمر الدنيا بسلطانها وقيمها وفكارها ، يعيش في نفسه الشعور بالهيبة تجاهها ؛ لأنّه ولد وهي قائمة ونشأ صغيراً وهي جبارة ، وفتح عينيه على الدنيا فلم يجد سوى أوجهها المختلفة.
وخلافاً لذلك ، شخص يتوغل في التاريخ عاش الدنيا قبل أن ترى تلك الحضارة النور ، ورأى الحضارات الكبير سادت العالم الواحدة تلو الأخرى ثمّ تداعت وانهارت (٢) ، رأى ذلك بعينيه ولم يقرأه في كتاب تاريخ ..
__________________
(١) أن يكون القائد التاريخي مهيّئاً نفسياً ومعدّاً إعداداً مناسباً لأداء المهمة ، أمرٌ مفروغ منه ، ولو رجعنا الى القرآن الكريم لوجدناه يتحدث عن هذه المسألة في تاريخ الأنبياء بصورة واضحة جداً ، وبخاصة فيما يتعلق بالنبي نوح عليهالسلام ، وهو أمر يلفت الانتباه والنظر ، وربما يكون للتشابه والاتفاق في الدور والمهمة التي أوكلت لهما ، كما نبّه الشهيد الصدر رضي الله عنه إليه.
راجع : مع الأنبياء / عفيف عبد الفتاح طبارة.
(٢) ويمكن ان وتقرّب هذا المعنى بما عشناه وشاهدناه من صعود الاتحاد السوفيتي وترقية حتى صار