الطوفان بقي على وجه الارض مائة وخمسين يوما ، وأن الذين كانوا معه في السفينة مز الانس بنوه الثلاثة : سام وحام ويافث ونساؤهم ، وأن جميع أيام حياة نوح تسعمائة وخمسين سنة ، (١) وأن حياته بعد الطوفان كانت ثلاث مائة وخمسين سنة.
وروى من كتاب القصص لمحمد بن جرير الطبري أن الله تعالى أكرم نوحا بطاعته العزلة لعبادته ، وكان طوله ثلاثمائة وستين ذراعا بذراع زمانه ، وكان لباسه الصوف ، ولباس إدريس قبله الشعر ، وكان يسكن في الجبال ويأكل من نبات الارض ، فجاءه جبرئيل (ع) بالرسالة وقد بلغ عمر نوح أربعمائة سنة وستين سنة ، فقال له : ما بالك معتزلا؟ قال : لان قومي لا يعرفون الله غاعتزلت عنهم ، فقال له جبرئيل : فجاهدهم ، فقال نوح : لا طاقة لي بهم ولو عرفوني لقتلوني ، فقال له : فإن اعطيت القوة كنت تجاهدهم؟ قال : واشوقاه إلى ذلك ، فقال له نوح : من أنت؟ قال : فصاح جبرئيل صيحة واحدة تداعت فأجابته الملائكة بالتلبية ورجت الارض وقالت : لبيك لبيك يا رسول رب العالمين ، قال : فبقي نوح مرعوبا فقال له جبرئيل : أنا صاحب أبويك آدم وإدريس ، والرحمن يقرؤك السلام ، وقد أتيتك بالبشارة ، وهذا ثوب الصبر وثوب اليقين وثب النصرة وثوب الرسالة والنبوة وآمرك أن تتزوج بعمورة بنت ضمران بن اخنوخ (٢) فإنها أول من تؤمن بك ، فمضى نوح يوم عاشورا إلى قومه وفي يده عصا بيضاء وكانت العصا يخبره بما يكن به قومه (٣) وكان رؤساؤهم سبعين ألف جبار عند أصنامهم في يوم عيدهم ، فنادى لا إله إلا الله ، آدم المصطفى وإدريس الرفيع وإبراهيم الخليل وموسى الكليم وعيسى المسيح خلق من روح القدس
ـــــــــــــــ
(١) تقدم الخلاف في ذلك وأن فيه أقوالا متعددة ، وان ذلك كان مدة دعوته قومه ، وتقدم عن المسعودى انه عاش بعد خروجه من السفينة خمسمائة سنه ، وقال اليعقوبى : ثلاثمائة وستين سنة.
(٢) قال اليعقوبي : وأوحى الله عزوجل إلى نوح في أيام جده اخنوخ وهو ادريس النبى وقبل أن يرفع الله ادريس ، وأمره أن ينذر قومه وينهاهم عن المعاصى التى كانوا يرتكبونها ويحذرهم العذاب ، فأقام على عبادة الله تعالى والدعاء لقومه وحبس نفسه على عبادة الله تعالى والدعاء لقومه لا ينكح النساء خمسمائة عام ، ثم أوحى الله إليه أن ينكح هيكل بنت ناموسابن اخنوخ اه.
(٣) كن الشئ : ستره في كنه وغطاه وأخفاه. كن العلم وغيره في نفسه : أسره.