فقال : المأمون : لله درك يا أبا الحسن فأخبرني عن قول الله عزوجل : « ليغفرلك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر » قال الرضا عليهالسلام : لم يكن أحد عند مشركي أهل مكة أعظم ذنبا من رسول الله (ص) ، لانهم كانوا يعبدون من دون الله ثلاثمائة وستين صنما ، فلما جاءهم (ص) بالدعوة إلى كلمة الاخلاص كبر ذلك عليهم وعظم ، وقالوا : « أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشئ عجاب * وانطلق الملا منهم أن امشوا واصبروا على آلهتكم إن هذا لشئ يراد * ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاق » فلما فتح الله عزوجل علي نبية مكة قال له : يا محمد « إنا فتحنا لك » مكة « فتحا مبينا * ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر » عند مشركي أهل مكة بدعائك إلى توحيد الله فيما تقدم وما تأخر لان مشركي مكة أسلم بعضهم وخرج بعضهم عن مكة ، ومن بقي منهم لم يقدر على إنكار التوحيد عليه إذا دعا الناس إليه ، فصار ذنبه عندهم في ذلك مغفورا بظهوره عليهم.
فقال المأمون : لله درك يا أبا الحسن ، فأخبرني
عن قول الله عزوجل : « عفا
الله
عنك لم أذنت لهم » قال الرضا عليهالسلام : هذا مما نزل بإياك أعني واسمعي يا
جارة ، خاطب
الله عزوجل بذلك نبيه (ص) وأراد به امته ، فكذلك قوله عزوجل : « لئن لقد أشركت
ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين » وقوله عزوجل : « ولولا أن ثبتناك لقد كدت
تركن إليهم شيئا قليلا » قال : صدقت يابن رسول الله ، فأخبرني عن قول الله عزوجل :
« و
إذ تقول للذي أنهم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك
ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه
» قال الرضا عليهالسلام : إن رسول
الله (ص)
قصد دار زيد بن حارثة بن شراجيل الكلبي في أمر أراده ، فرأى امرأته تغتسل ، فقال
لها : سبحان الذي خلقك ، وإنما أراد بذلك تنزيه الله تبارك وتعالى عن قول من زعم
أن
الملائكة بنات الله. فقال الله عزوجل : « أفأصفكم ربكم بالبنين واتخذ من الملائكة
إناثا
إنكم لتقولون قولا عظيما » فقال النبي (ص) لما رآها تغتسل : سبحان الذي خلقك أن
يتخذ ولدا يحتاج إلى هذا التطهير والاغتسال ، فلما عاد زيد إلى منزله أخبرته
امرأته
بمجئ رسول الله (ص) وقوله لها : سبحان الذي خلقك ، فلم يعلم زيد ما أراد بذلك ، وظن