وبشر إبراهيم (ع) بعد ذلك بإسحاق ، ومر في باب الذبح قوله تعالى : « سلاما » أي نسلم عليك سلاما أو سلمنا سلاما.
قوله : « أبشرتموني على أن مسني الكبر » تعجب من أن يولد له مع الكبر « فبم تبشرون » أي فبأي اعجوبة تبشروني ، أو أبأمر الله أم من جهة أنفسكم ; وكان استعجابه عليهالسلام باعتبار العادة دون القدرة ; وقيل : كان غرضه أن يعلم أنه هل يولد له على تلك الحال أويرد إلى الشباب. قوله : « فما خطبكم » أي فما شأنكم الذي ارسلتم لاجله سوى البشارة. قوله تعالى : « لمن الغابرين » أي الباقين مع الكفرة لتهلك معهم. قوله : « منكرون » أي ينكركم نفسي وينفر عنكم مخافة أن تطرقوني؟ أو لا أعرفكم فعرفوني أنفسكم. قوله : « بما كانوا فيه يمترون » أي بالعذاب الذي كانوا يشكون فيه إذا وعدتهم « فأسر بأهلك » أي فاذهب بهم الليل « بقطع من الليل » في طائفة من الليل ; وقيل : في آخره ، وعلى الاول يحمل تفسيره عليهالسلام أي المراد بقطع نصف الليل. وقوله : « إلا امرأتك » ليس في خلال تلك الآيات ، (١) وإنما ذكره عليهالسلام لبيان أنه كان المراد بالاهل غيرها ، أو أنها هلكت في حال الخروج حيث التفتت فأصابها العذاب كما روي. قوله : « إن دابر هؤلاء » أي آخر من يبقى منهم يهلك وقت الصبح ، أي إنهم مستأصلون بالعذاب وقت الصباح على وجه لايبقى منهم أثر ولا نسل ولا عقب.
وقال الفيروز آبادي : حنذ الشاة يحنذها حنذا وتحناذا : شواها ، وجعل فوقها حجارة محماة لينضجها فهي حنيذ ، أو هو الحال (٢) الذي يقطر ماؤه انتهى.
والايجاس : الادراك أو الاضمار. اختلف في سبب الخوف فقيل : إنه لما رآهم شبانا أقوياء وكان ينزل طرفا من البلد وكانوا يمتنعون من تناول طعامه لم يأمن أن يكون ذلك لبلاء ، وذلك أن أهل ذلك الزمان إذا أكل بعضهم طعام بعض أمنه صاحب الطعام على نفسه وماله ، ولهذا يقال : تحرم فلان بطعامنا ، أي أثبتت الحرمة بيننا بأكله الطعام ; و قيل : إنه ظنهم لصوصا يريدون به سوءا ; وقيل إنه ظن أنهم ليسوا من البشر جاؤوا لامر عظيم ; وقيل : علم أنهم ملائكة فخاف أن يكون قومه المقصودين بالعذاب حتى
__________________
(١) راجع ما قدمنا ذيل الايات.
(٢) كذا في النسخ ، وفى القاموس أو هو الحار الذى اه. م