وعسكر عليها ، وجمع علماء أهل عسكره وفقهاءهم وأهل الفضل منهم ، فقال : يا معشر الفقهاء والعلماء إني اريد أن أسلك هذه الظلمة ، فخروا له سجدا فقالوا : أيها الملك إنك لتطلب أمرا ما طلبه ولا سلكه أحد كان قبلك من النبيين والمرسلين ولا من الملولك ، قال : إنه لا بد لي من طلبها ، قالوا : أيها الملك إنا لو نعلم أنك إذا سلكتها ظفرت بحاجتك منها بغير عنت عليك لامرنا (١) ولكنا نخاف أن يعلق بك (٢) منها أمر يكون فيه هلاك ملكك ، وزوال سلطانك ، وفساد من الارض ، فقال : لابد من أن أسلكها ، فخروا سجدا لله وقالوا : إنا نتبرء إليك مما يريد ذوالقرنين.
فقال ذو القرنين : يامعشر العلماء أخبروني بأبصر الدواب ، قالوا : الخيل الاناث البكارة أبصر الدواب ، فانتخب من عسكره فأصاب ستة آلاف فرس إناثا أبكارا (٣) وانتخب من أهل العلم والفضل والحكمة ستة آلاف رجل ، فدفع إلى كل رجل فرسا وولى فسحر (٤) ـ وهو الخضرـ على ألفي فرس ،فجعلهم على مقدمته ، وأمرهم أن يدخلوا الظلمة ،وسار ذوالقرنين ي أربعة آلاف وأمر أهل عسكره أن يلزموا معسكره اثني عشر سنة ، (٥) فإن رجع هو إليهم إلى ذلك الوقت وإلا تفرقوا في البلاد ولحقوا ببلادهم أوحيث شاؤوا ، فقال الخضر : أيها الملك إنا نسلك في الظلمة لايرى بعضنا بعضا كيف نصنع بالضلال إذا أصابنا؟ فأعطاه ذو القرنين خرزة حمراء (٦) كأنها مشعلة لها ضوء ، فقال : خذ هذه الخرزة فإذا أصابكم الضلال فارم بها إلى الارض فإنها تصيح ، فإذا صاحت رجع أهل الضلال إلى صوتها ، فأخذها الخضر ومضى في الظلمة ، وكان الخضر يرتحل وينزل ذو القرنين ، فبينا الخضر يسير ذات يوم إذ عرض له واد في الظلمة فقال لاصحابه : قفوا في هذا الموضع لا يتحركن أحد منكم
__________________
(١) في نسخة : لاتبعناك.
(٢) في نسخة : أن ينفتق عليك.
(٣) في نسخة : اناثا بكارة.
(٤) في نسخة : وعقد لا فسحر.
(٥) في نسخة : اثنتى عشرة سنة.
(٦) الخرز : ما ينظم في السلك من الجذع والودع. الحب المثقوب من الزجاج وغيره. فصوص من حجارة. الواحدة : الخرزة. وخرزات الملك : جواهر تاجه.