تفسير : قال الطبرسي رحمهالله : « وأيوب » أي واذكر أيوب حين دعا ربه لما اشتدت المحنة به « أني مسني الضر » أي نالني الضر وأصابني الجهد « وأنت أرحم الراحمين » وهذا تعريض منه بالدعاء لازالة ما به من البلاء. (١)
« بنصب وعذاب » أي بتعب ومكروه ومشقة ; وقيل : بوسوسة فيقول له : طال مرضك ولا يرحمك ربك ; وقيل : بأن يذكره ما كان فيه من نعم الله تعالى وكيف زال ذلك كله طمعا أن يزله بذلك فوجده صابرا مسلما لامر الله ; وقيل : إنه اشتد مرضه حتى تجنبه الناس فوسوس الشيطان إلى الناس أن يستقذروه ويخرجوه من بينهم ولا يتركوا امرأته التي تخدمه أن تدخل عليهم ، فكان أيوب يتأذى بذلك ويتألم منه ، ولم يشك الالم الذي كان من أمر الله ; قال قتادة : دام ذلك سبع سنين ، وروي ذلك عن أبي عبدالله (ع) « اركض برجلك » أي ادفع برجلك الارض « هذا مغتسل بارد وشراب » وفي الكلام حذف أي فركض برجله فنبعت بركضته عين ماء ; وقيل : نبعت عينان فاغتسل من إحداهما فبرئ ، وشرب من الاخرى فروي ; والمغتسل : الموضع الذي يغتسل فيه ; وقيل : هواسم للماء الذي يغتسل به « وخذ بيدك ضغثا » وهو ملء الكف من الشماريخ وماأشبه ذلك ، أي وقلنا له ذلك ، وذلك أنه حلف على امرأته لامر أنكره من قولها إن هو في ليضربنها مائة جلدة ، فقيل له : خذ ضغثا بعدد ما حلفت « فاضرب به » أي واضربها به دفعة واحدة ، فإنك إذا فعلت ذلك برت يمينك « ولا تحنث » في يمينك.
وروي عن ابن عباس أنه قال : كان السبب في ذلك أن إبليس لقيها في صورة طبيب فدعته إلى مداواة أيوب ، فقال : اداويه على أنه إذا برئ قال : أنت شفيتني ، لا اريد جزاء سواه ، قالت : نعم ، فأشارت إلى أيوب بذلك ، فحلف ليضربنها ; وقيل : إنها كانت ذهبت في حاجة فأبطأت في الرجوع فضاق صدر المريض فحلف « إنه أواب » أي رجاع إلى الله ، منقطع إليه.
وروى العياشي بإسناده أن عباد المكي قال : قال لي سفيان الثوري : إني أرى لك من أبي عبدالله منزلة فاسأله عن رجل زنى وهو مريض فإن اقيم عليه الحد خافوا أن يموت
_________________
(١) مجمع البيان ٧ : ٥٩. م