يختبره ليعلم ما تكشف الايام عنه وهذا ما لا يصح ، (١) لانه عزوجل علام الغيوب. والضرب الآخر من الابتلاء أن يبتليه حتى يصبر فيما يبتليه به فيكون ما يعطيه من العطاء على سبيل الاستحقاق ، ولينظر إليه الناظر فيقتدي به فيعلم من حكمة الله عز وجل أنه لم يكل أسباب الامامة إلا إلى الكافي المستقل (٢) الذي كشفت الايام عنه بخير ، فأما الكلمات فمنها ما ذكرناه ، ومنها اليقين ، وذلك قول الله عزوجل : « وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والارض وليكون من الموقنين ».
ومنها المعرفة بقدم بارئه وتوحيده وتنزيهه عن التشبيه حين نظر إلى الكوكب و القمر والشمس ، واستدل بأفول كل واحد منها على حدثه ، وبحدثه على محدثه ، ثم علمه بأن الحكم بالنجوم خطأ في قوله عزوجل : « فنظر نظرة في النجوم فقال إني سقيم » وإنما قيده الله سبحانه بالنظرة الواحدة لان النظرة الواحدة لا توجب الخطاء إلا بعد النظرة الثانية بدلالة قول النبي (ص) لما قال لامير المؤمنين عليهالسلام : يا علي أول النظرة لك ، والثانية عليك لا لك.
ومنها الشجاعة وقد كشفت الاصنام عنه بدلالة قوله عزوجل : « إذ قال لابيه و قومه ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون * قالوا وجدنا آباءنا لها عابدين. قال لقد كنتم أنتم وآباؤكم في ضلال مبين. قالوا أجئتنا بالحق أم أنت من اللاعبين. قال بل ربكم رب السموات والارض الذي فطرهن وأنا على ذلكم من الشاهدين. وتالله لاكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين. فجعلهم جذاذا إلا كبيرا لهم لعلهم إليه يرجعون » ومقاومة الرجل الواحد الوفا من أعداء الله عزوجل تمام الشجاعة. ثم الحلم مضمن معناه في قوله عزوجل : « إن إبراهيم لحليم أواه منيب » ثم السخاء وبيانه في حديث ضيف إبراهيم المكرمين. ثم العزلة عن أهل البيت والعشيرة مضمن معناه في قوله : « وأعتزلكم وما تدعون من دون الله » الآية. والامر بالمعروف والنهي عن المنكر بيان ذلك في قوله عزوجل : « يا أبت لم تعبد مالا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا * يا أبت
__________________
(١) في نسخة : وهذا مما لا يصح.
(٢) في نسخة : إلى الكافى المستقل بها.