إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطا سويلاً * يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصيا * يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان ولياً » ودفع السيئة بالحسنة وذلك لما قال أبوه : « أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم لئن لم تنته لارجمنك واهجرني مليا » فقال : في جواب أبيه : « سأستغفر لك (١) ربي إنه كان بي حفياً » والتوكل بيان ذلك في قوله : « الذي خلقني فهو يهدين * والذي هو يطعمني و يسقين * وإذا مرضت فهو يشفين * والذي يميتني ثم يحيين. والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين ».
ثم الحكم والانتماء إلى الصالحين في قوله : « رب هب لي حكما وألحقني بالصالحين » يعني بالصالحين الذين لا يحكمون إلا بحكم الله عزوجل ولا يحكمون بالآراء والمقائيس حتى يشهد له من يكون بعده من الحجج بالصدق ، بيان ذلك في قوله : « واجعل لي لسان صدق في الآخرين » أراد به هذه الامة الفاضلة ، فأجابه الله وجعل له ولغيره من أنبيائه لسان صدق في الآخرين وهو علي بن أبي طالب عليهالسلام و ذلك قوله عزوجل : « وجعلنا لهم لسان صدق عليا » والمحنة في النفس حين جعل في المنجنيق وقذف به في النار. ثم المحنة في الولد حين أمر بذبح ابنه إسماعيل. ثم المحنة بالاهل (٢) حين خلص الله عزوجل حرمته من عزازة (٣) القبطي في الخبر المذكور في هذه القصة.
ثم الصبر على سوء خلق سارة. ثم استقصار النفس في الطاعة في قوله : « ولا تخزني يوم يبعثون » ثم النزاهة في قوله عزوجل : « ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين » ثم الجمع لاشراط الطاعات في قوله : « إن صلاتي و نسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين * لا شريك له وبذلك امرت وأنا أول المسلمين » فقد جمع في قوله : « محياي ومماتي لله رب العالمين » جميع أشراط الطاعات كلها حتى لا يعزب عنها عازبة ، ولا تغيب عن معانيها منها غائبة. ثم استجابة الله عزوجل دعوته حين قال :
__________________
(١) في نسخة : سلام عليك سأستغفر لك.
(٢) في نسخة : ثم المحنة في الاهل.
(٣) في نسخة : عزارة.