« رب أرني كيف تحيي الموتى »؟ وهذه آية متشابهة معناها أنه سأل عن الكيفية ، والكيفية من فعل الله عزوجل ، متى لم يعلمها العالم لم يلحقه عيب ولا عرض في توحيده نقص فقال الله عزوجل : « أو لم تؤمن قال بلى » هذا شرط عام من آمن به متى سئل واحد منهم أولم تؤمن؟ وجب أن يقول : بلى كما قال إبراهيم عليهالسلام ولما قال لله عزوجل لجيمع أرواح بني آدم : « ألست ربكم قالوا بلى » قال : أول من قال بلى محمد (ص) فصار بسبقه إلى بلى سيد الاولين والآخرين وأفضل النبيين والمرسلين ، فمن لم يجب عن هذه المسألة بجواب إبراهيم فقد رغب عن ملته ، قال الله عزوجل : « ممن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه » ثم اصطفاء الله عزوجل إياه في الدنيا ثم شهادته في العاقبة إنه من الصالحين في قوله عزوجل : « ولقد أصطفيناه في الدينا وإنه في الآخرة لمن الصالحين » والصالحون هم النبي والائمة (١) صلوات الله عليهم ، الآخذون عن الله أمره ونهيه ، والملتمسون للصلاح من عنده والمجتنبون للرأي والقياس في دينه في قوله عزوجل : « إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين » ثم اقتداء من بعده من الانبياء عليهمالسلام في قوله عزوجل : « ووصى إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون » و في قوله عزوجل لنبيه (ص) : « ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين » وفي قوله عزوجل : « ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل » و أشراط كلمات الامام مأخذوة من جهته مما يحتاج إليه الامة من مصالح الدنيا والآخرة وقول إبراهيم عليهالسلام : « ومن ذريتي » من حرف تبعيض ليعلم أن من الذرية من يستحق الامامة ، ومنهم من لا يستحق الامامة هذا من جملة المسلمين وذلك أنه يستحيل أن يدعو إبراهيم (ع) بالامامة للكافر أو للمسلم الذي ليس بمعصوم ، فصح أن باب التبعيض وقع على خواص المؤمنين ، والخواص إنما صاروا خواصا بالبعد من الكفر ، ثم من اجتنب الكبائر صار من جملة الخواص أخص ، ثم المعصوم هو الخاص الاخص ، ولو كان للتخصيص صورة أدنى عليه لجعل ذلك من أوصاف الامام.
وقد سمى الله عزوجل عيسى من ذرية إبراهيم وكان ابن ابنته من بعده ، و
__________________
(١) في نسخة : هم النبيون والائمة.