والقضاء والطلاق وإمام الجماعة وغيرها ما حقيقتها؟ واختلفت كلماتهم في بيانها إلى أقوال :
منها : ما نسب إلى المشهور بين المتأخرين من أن العدالة : ملكة أو هيئة راسخة ، أو حالة ، أو كيفية باعثة نحو الإطاعة بالإتيان بالواجبات وترك المعاصي والمحرمات.
ومنها : أن العدالة هي : الإتيان بالأعمال الخارجية من الواجبات واجتناب المحرمات الناشي عن الملكة النفسانية ، فهي على ذلك أمر عملي وليست من الصفات النفسانية ، وإن كان ذلك العمل مسبباً عن الصفة النفسانية وباقتضائها ، فهذا التعريف ناظر إلى المسبب والمقتضى كما أن التعريف السابق ناظر إلى السبب والمقتضي ، بمعنى أن العدالة على التعريف المتقدم هو السبب والمقتضي للعمل ، وعلى هذا التعريف هو العمل المسبب والمقتضى للملكة النفسانية التي هي السبب ، هذا.
ويمكن أن يقال : التعريفان راجعان إلى شيء واحد لأن الملكة بما هي ، ليست هي العدالة الّتي تعتبر في جملة من الموارد في الشريعة المقدسة ، بل المعتبر هي الملكة المتلبسة بالعمل أي المقترنة بالإتيان بالواجبات وترك المحرمات ، وذلك لأن ارتكاب المعصية في الخارج لغلبة الهوى على الملكة يستتبع الفسق من غير نكير ، وبناءً على أن العدالة هي الملكة بما هي ، يلزم اجتماع العدالة والفسق في شخص واحد في زمان واحد ، ومن هنا يصح أن يقال : العدالة هي الأعمال الخارجية الناشئة عن الملكة النفسانية. فالمراد بالتعريفين شيء واحد وإن كان أحدهما ناظراً إلى بيان اعتبار التلبس بالعمل دون الآخر.
ومنها : أن العدالة : نفس الأعمال الخارجية من فعل الواجبات وترك المحرمات من دون اعتبار اقترانها بالملكة أو صدورها عنها ، فالعدالة هي الاستقامة عملاً في جادة الشرع وعدم الجور والانحراف عنها يميناً ولا شمالاً.
ومنها : أن العدالة هي : الإسلام وعدم ظهور الفسق في الخارج ، وعلى ذلك لا بدّ من الحكم بعدالة أكثر المسلمين ، وإن لم نعاشرهم بوجه ، وذلك لاسلامهم وعدم ظهور الفسق منهم عندنا.
ومنها : أن العدالة هي : حسن الظاهر فحسب ، وعلى ذلك لا يمكننا الحكم بعدالة