بالمادّة لا ينجس بالملاقاة وإن كان قليلاً ، والطرف الآخر حكمه حكم الرّاكد إن تغيّر تمام قطر ذلك البعض المتغيّر ، وإلاّ فالمتنجس هو المقدار المتغيّر فقط ، لاتصال ما عداه بالمادّة (١).
______________________________________________________
تغيّر بعض الجاري
(١) قد أسلفنا أن الجاري وغيره إذا تغيّر في شيء من أحد أوصافه بتمامه يحكم عليه بالنجاسة ، وطريق تطهيره كما أشرنا إليه هو أن يتصل بالمادّة بعد زوال تغيّره وأمّا إذا تغيّر بعضه فلا يخلو إما أن يتغيّر بعض الجاري في تمام قطر الماء أعني به عرضه وعمقه ، وإما أن يتغيّر في بعض قطره.
أمّا على الأوّل : فلا ينبغي الإشكال في أن الماء المتصل بالمادّة المتقدم على المقدار المتغيّر معتصم بتمامه قليلاً كان أم كثيراً لاتصاله بالمادّة وهو ظاهر ، وأمّا الماء المتأخر عن المتغيّر بعرضه وعمقه فإن كان كراً فلا كلام أيضاً في اعتصامه وطهارته ، وعليه فالمتقدم والأخير طاهران والمتنجس هو الوسط ، وأمّا إذا كان قليلاً فهو محكوم بالانفعال لاتصاله بالنجس وهو البعض المتغيّر بعرضه وعمقه ، وعليه فالوسط والأخير محكومان بالنجاسة والمتقدم هو الطاهر. وقد تأمل صاحب الجواهر قدسسره في الحكم بنجاسة الماء المتأخر في هذه الصورة بعد ما ضعّف الحكم بالطهارة فيه فإنه يصدق عليه عنوان الجاري واقعاً ، فلا وجه للحكم بانفعاله لأنّه جار غير متغيّر. على أنّا لو احتملنا عدم دخوله في عنوان الجاري فهو معارض باحتمال دخوله فيه ، فالاحتمالان يتعارضان فيتساقطان ، ويرجع معه إلى قاعدة الطهارة فيه هذا ما ذكره قدسسره في المقام (١).
والذي ينبغي أن يقال : إن الموضوع للحكم بالاعتصام ليس هو عنوان الجاري كما عرفته سابقاً وإنما حكم عليه بعدم الانفعال لأن له مادّة على ما استفدناه من صحيحة ابن بزيع ، وقد أسلفنا أن المادّة بمعنى ما يمد الماء وما منه يستمد بخروج المقدار المتحلل
__________________
(١) الجواهر ١ : ٨٩.