انفعال القليل بالمتنجسات
الجهة الرابعة : أن ما ذكرنا من انفعال القليل بالملاقاة هل يختص بملاقاة الأعيان النجسة أو يعم ملاقاة المتنجسات أيضاً؟.
ذهب المحقق صاحب الكفاية قدسسره إلى أن المتنجس لا ينجس القليل (١) ووافقه على ذلك شيخنا المحقق الكبير الشيخ محمد حسين الأصفهاني قدسسره في بحثه الشريف مستدلاً بأن مدرك انفعال القليل بالملاقاة إما هو الإجماع وهو غير متحقق في ملاقاة المتنجسات على نحو يفيد القطع بالحكم كما هو المطلوب في الأدلّة اللبّية ، والمقدار المتيقن منه هو خصوص ملاقاة الأعيان النجسة ، وإما الروايات الواردة في تحديد الكر ، وهي وإن دلت على انفعال القليل بما لا ينفعل به الكثير ، إلاّ أن مدلولها تعليق العموم لا السلب العام فمفهومها ان القليل ينجسه شيء ما ، فإن السالبة الكلية تناقضها الموجبة الجزئية وليس هذا الشيء هو التغيّر قطعاً ، لأنّه ينجّس الكثير أيضاً ولا اختصاص له بالقليل ، فتعيّن أن يكون هو ملاقاة النجاسات كما هي المتيقن ، وإذا ثبت منجسية شيء منها ثبت منجسية غيره من الأعيان النجسة أيضاً لعدم القول بالفصل ، أو لما دلّ من الأخبار الخاصة على منجسية الأعيان النجسة وأمّا المتنجسات فلا يستفاد منها أنها كالنجاسات كما أسلفناه في الأصول. وإما هو الأخبار الخاصة وهي إنما تختص بعين النجاسات من الكلب والدم والبول وغيرها من الأعيان النجسة ، كما أنها المنسبق من الشيء في الأخبار العامة ولا أقل أنها القدر المتيقن منه كما أشرنا إليه آنفا ، وعلى الجملة لا دليل على انفعال القليل بالمتنجسات.
ولا يخفى أنه وإن لم ترد رواية في خصوص انفعال القليل بملاقاة المتنجسات إلاّ أن مقتضى إطلاق غير واحد من الأخبار أن القليل ينفعل بملاقاة المتنجسات كما ينفعل بملاقاة الأعيان النجسة ، وإليك جملة منها :
__________________
وهي متنجسة بالبول والعذرة وبذلك كانت تتنجس القربة وما عليها من القطرات التي تصيب ماء القربة عند قلبها لتفريغها.
(١) نقل عنه في المستمسك ١ : ١٤٦.