وملاقاته لأحدهما وعدم استقراره معها ، كما إذا وقعت قطرة ماء على أرض نجسة فطفرت عنها إلى مكان آخر بلا فصل فالتزم بعدم انفعال القليل في صورة عدم استقراره مع النجس.
واستدلّ عليه برواية عمر بن يزيد قال : « قلت لأبي عبد الله عليهالسلام أغتسل في مغتسل يبال فيه ويغتسل من الجنابة ، فيقع في الإناء ما ينزو من الأرض؟ فقال : لا بأس به » (١). فإنّها دلت على أن الماء الذي لاقى أرضاً متنجسة أو النجس الموجود فيها ولم يستقر معه بل انفصل عنه بمجرد الاتصال ، لا ينفعل بملاقاتهما حيث إن ظاهرها أن ما ينزو إنما ينزو من الأرض النجسة التي يغتسل فيها وهو المكان الذي يبال فيه ويغتسل فيه من الجنابة ، ودلالتها على هذا ظاهرة.
وقد تحمل الرواية على أن السؤال فيها عن حكم الملاقي لأطراف العلم الإجمالي فإن البول والغسالة إنما وقعا على قطعة من الأرض لا على جميعها ولا يدري أن ما نزى على إنائه هل نزى من القطعة النجسة أو من القطعة الطاهرة من الأرض ، وعليه فمدلول الرواية أجنبي عن محل الكلام بل إنها تدل على أن الماء الملاقي لأحد طرفي العلم الإجمالي غير محكوم بالنجاسة.
ولكن هذا الحمل بعيد غايته ، فإن ظاهر الرواية أن النزو إنما هو من المكان النجس ، لا أنه يشك في أنه نزى من النجس أو الطاهر فإن أرادته تتوقف على مئونة زائدة وإضافة أنه نزى من مكان لا يعلم أنه نجس أو طاهر ، وإطلاق السؤال والجواب وعدم اشتمالها على الزيادة المذكورة يدفع هذا الاحتمال. وكيف كان فالمناقشة في دلالة الرواية مما لا وجه له. وإنما الاشكال كلّه في سندها لأنها ضعيفة بمعلى بن محمد (٢) لعدم ثبوت وثاقته ، فالاستدلال بها على التفصيل المذكور غير تام. وربّما
__________________
(١) الوسائل ١ : ٢١٣ / أبواب الماء المضاف ب ٩ ح ٧.
(٢) هكذا أفاده مدّ ظلّه ولكنه عدل عن ذلك أخيراً وبنى على أن الرجل موثق لوقوعه في أسانيد كامل الزيارات ، ولا يقدح في ذلك ما ذكره النجاشي [ ٤١٨ / ١١١٧ ] في ترجمته من انّه مضطرب الحديث والمذهب لأن معنى الاضطراب في الحديث أن رواياته مختلفة فمنها ما لا يمكن الأخذ بمدلوله ومنها ما لا مانع من الاعتماد عليه ، لا أن اضطرابه في نقله وحكايته. إذن لا ينافي الاضطراب في الحديث وثاقته ولا يعارض به توثيق ابن قولويه.