والصّدوق في الفقيه (١) تحديده بألف وثمانمائة رطل بالعراقي بحمل الرطل في رواية ابن أبي عمير على الرطل المدني فإنّه يوازي بالرطل العراقي رطلاً ونصف رطل فيكون الألف ومائتا رطل بالأرطال المدنية ألفاً وثمانمائة رطل بالعراقي.
والكلام في المقام يقع تارة على مسلك المشهور من معاملتهم مع مراسيل ابن أبي عمير معاملة المسانيد لأنّه لا يروي إلاّ عن ثقة ، فاعتماده على رواية أحد ونقلها عنه توثيق لذلك الراوي وهو لا يقصر عن توثيق مثل الكشي والنجاشي من أرباب الرجال ، وأُخرى على مسلك غير المشهور كما هو المنصور من عدم الاعتماد على المراسيل مطلقاً كان مرسلها ابن أبي عمير أو غيره لا لأجل أن توثيقه بنقل الرواية عن أحد يقصر عن توثيق أرباب الرجال ، بل لأجل العلم الخارجي بأنه قد روى عن غير الثقة أيضاً ولو من باب الاشتباه والخطأ في الاعتقاد ، وهذا ممّا نعلم به جزماً. وإذن يحتمل أن يكون البعض في قوله عن بعض أصحابنا ، هو البعض غير الموثق الذي روى عنه ابن أبي عمير في موضع آخر مسنداً ، ومع الشبهة في المصداق لا يبقى مجال للاعتماد على مراسيله.
فأما على مسلك المعروف فالصحيح هو ما ذهب إليه المشهور من حمل الأرطال في الروايات على الأرطال العراقية وتحديد الكر بألف ومائتي رطل بالعراقي ، دون ما ذهب إليه السيد والصدوقان من تحديدهم الكر بألف وثمانمائة رطل بالعراقي بحمل ألف ومائتي رطل في الروايات على الأرطال المدنية ، والوجه في ذلك هو أن ما ذهبوا إليه في المقام هو الذي يقتضيه الجمع بين مرسلة ابن أبي عمير وصحيحة محمد بن مسلم ، وهذا لا لما قالوا من أن الجمع بين الروايات مهما أمكن أولى من طرحها ، أو أن الأخذ بأحد احتمالاتها وتعيّنه أولى من طرحها بأجمعها للإجمال كما عن جملة من الأصحاب ، لما قلنا في محلّه من أن هذه القاعدة لا ترجع إلى أساس صحيح وأن العبرة بظهور الرواية لا بالجمع بين الروايات. بل الوجه فيما ذكرناه أن كل واحدة من المرسلة والصحيحة قرينة لتعيين المراد من الأُخرى.
__________________
(١) الفقيه ١ : ٦.