عليه ، وإن لم يتصف بالجريان فعلاً لعدم تماسك أجزاء الأرض التي وقع عليها المطر فان هذا الاحتمال من الإمكان بمكان لا استبعاد فيه ، وإن كان إثباته يتوقف على اقامة الدليل عليه.
نعم ، إذا قلنا إن صدق عنوان المطر يتوقف على الجريان خارجاً فلا نحتاج في اعتبار الجريان في اعتصامه إلى دليل ، لأنه على الفرض مقوم لصدقه وعنوانه. وأمّا إذا منعنا هذا التوقف بصدق المطر ولو مع عدم الجريان كما إذا نزل بالرشح فلا محالة يتوقف اعتبار الجريان في اعتصام المطر على إقامة دليل ، ولا بدّ حينئذٍ من ملاحظة روايات الباب كصحيحة علي بن جعفر المتقدمة المشتملة على قوله عليهالسلام « إذا جرى فلا بأس به ... ».
فيقع الكلام في دلالتها على اشتراط الجريان ولو بالقوة والشأن في اعتصام المطر وعدمها. والصحيح عدم دلالتها على ذلك : لأن معنى الجريان المذكور في الصحيحة أحد أمرين :
أحدهما : ما ذكره شيخنا الهمداني قدسسره من أن المراد بالجريان جريان الماء من السماء ، وعدم انقطاع المطر ، فالصحيحة تدل على أن اعتصام ماء المطر مختص بما إذا تقاطر من السماء (١). وما أفاده قدسسره لا يخلو عن بعد فان الجريان لا يطلق على نزول المطر من السماء.
وثانيهما : أن يكون بمعنى الجريان الفعلي ولكنه في خصوص موردها وهو الكنيف لا على وجه الإطلاق بيان ذلك : أن مورد السؤال في الصحيحة هو البيت الذي يبال على ظهره ، وظاهرها أن ظهره اتخذ مبالاً كما جرت عليهم عادتهم في القرون المتقدمة ومن البديهي أن مثله مما يرسب فيه البول وينفذ في أعماقه لكثرة البول عليه ، فاذا نزل عليه مقدار من الماء ولم يجر عليه يتأثر بآثار البول في السطح ويتغيّر بها لا محالة ولأجل هذا اعتبرت الكثرة وجريان ماء المطر عليه لئلاّ يقف فيتغيّر بآثار الأبوال فإنّه يوجب الانفعال ولا سيما أن السطح المتخذ مبالاً لا يخلو عادة من عين العذرة وغيرها من أعيان النجاسات. وبالجملة الماء الذي يرد على مثله يتغيّر بسببها إلاّ أن
__________________
(١) مصباح الفقيه ( الطهارة ) : ٦٤٦ السطر ١١.