فالسكوت وعدم البيان آيتا طهارة الآلات وأخواتها بتبع طهارة البئر.
وفي الحدائق استدل على ذلك بالبراءة عن وجوب الاجتناب عن الآلات بعد نزح المقدرات (١) ، إلاّ أن فساده غني عن البيان ، لأن النجاسة بعد ما ثبتت يحتاج رفعها إلى مزيل ، ومع الشك في بقائها لا مجال لإجراء البراءة عنها كما لا يخفى.
واستدل المحقق قدسسره على طهارة الآلات على ما حكي عنه وهو من جملة القائلين بانفعال البئر من المتأخرين بأن الآلات ونظائرها لو لم تطهر بتبع طهارة البئر لم يبق لاستحباب نزح الزائد مجال (٢) ، وتوضيح ذلك : أن الأخبار كما مرّ قد اختلفت في بيان نزح المقدرات ففي نجاسة واحدة ورد تقديران مختلفان أحدهما أكثر من الآخر ، وقد جمعوا بينهما بحمل الأقل على الوجوب وحمل الأكثر على الاستحباب ، فاذا بنينا على انفعال ماء البئر بالملاقاة وعلى عدم طهارة الدلو وغيره من الآلات بالتبع ، ونزحنا المقدار الواجب كثلاثين دلواً مثلاً ، فبمجرد ملاقاة الدلو للماء يتنجس ماء البئر ثانياً فيجب تطهيرها بنزح مقدرها ، ومعه لا يبقى مجال للعمل بالاستحباب بنزح الزائد عن المقدار الواجب كأربعين دلواً ونحوها. وما أفاده قدسسره في غاية المتانة ، فما ذهب إليه الأصحاب من طهارة الآلات وأخواتها بالتبع هو المتعيّن.
الثاني : إذا تغيّر ماء البئر فلا إشكال في كفاية إخراج الجميع أو المقدار الذي يزول به التغيّر ولو بغير النزح المتعارف من الأسباب ، كما إذا نزحنا ماءها بالمكائن الجديدة أو غار ماؤها ثم ترشح منها ماء جديد لا تغيّر فيه ، أو ألقينا فيها دواء أوجب فيها التبخير فنفد ماؤها بذلك إلى غير ذلك من الأسباب. والوجه في كفاية مطلق الإخراج وعدم لزوم النزح شيئاً فشيئاً ، هو أن المستفاد من صحيحة محمد بن إسماعيل ابن بزيع أن البئر إذا تغيّر لا بدّ من إعدام مائها إلى أن يطيب طعمه ويزول عنه الريح وهذا هو المحصل للغرض سواء أكان بسبب النزح أم بالدواء أو بغيرهما من الأسباب
__________________
(١) الحدائق ١ : ٣٧٣.
(٢) المعتبر ١ : ٧٩.