وبالبيِّنة (١)
______________________________________________________
وتوضيحه : أن العلم المأخوذ غاية في تلك الأخبار طريقي محض وغير مأخوذ في الموضوع بوجه ، والعلم الطريقي يقوم مقامه ما ثبت اعتباره شرعاً كالبينة وخبر العادل واليد وغيرها ، فإن أدلّة اعتبارها حاكمة على ما دلّ على اعتبار العلم في ثبوت النجاسة أو غيرها ، فهذا القول أيضاً ساقط ، فلا بدّ من ملاحظة الأُمور التي قيل بثبوت النجاسة بها. فان كان في أدلّة اعتبارها ما دلّ بعمومه على حجيتها حتى في مثل النجاسة فنأخذ بها ، وإلاّ فنرجع إلى استصحاب الطهارة أو قاعدتها. فمن جملة تلك الأُمور البيِّنة :
ثبوت النجاسة بالبيِّنة :
(١) فهل يعتمد على إخبار البيِّنة بنجاسة شيء مسبوق بالطهارة أو جهلت حالته السابقة بحيث لو لا تلك البيِّنة لحكمنا بطهارته؟ لا ينبغي الإشكال في اعتبارها وأن النجاسة تثبت بها شرعاً ، وإنما الكلام في مدرك ذلك فقد استدلوا على اعتبار البيِّنة بوجوه :
الوجه الأوّل : الإجماع على اعتبارها بين الأصحاب. ويدفعه : أن الإجماع على تقدير تحقّقه ليس إجماعاً تعبدياً قطعاً حتى يكشف عن قول المعصوم عليهالسلام لاحتمال استناد المجمعين إلى أحد الوجهين الآتيين.
الوجه الثاني : الأولوية القطعية بتقريب : أن الشارع جعل البيِّنة حجة في موارد الترافع والمخاصمة ، وقد قدمها على ما في قبالها من الحجج كاليد ونحوها غير الإقرار لأنه متقدم على البيِّنة ، وما ثبتت حجيته في موارد القضاء مع ما فيها من المعارضات فهو حجة في غيرها من الموارد التي لا معارض له بطريق أولى.
وبالجملة اعتبار البيِّنة شرعاً أمر غير قابل للإنكار. نعم ، ربما قيد اعتبارها في الشريعة المقدسة ببعض القيود حسب اختلاف المقامات وأهميتها عند الشارع وعدمها ، فاعتبر في ثبوت الزنا بالبينة أن يكون الشهود أربعة ، كما اعتبر أن تكون