كلية طبقوها على ماء الاستنجاء ، كالإجماع المدعى على أن الماء المزيل للنجاسة لا يرفع الحدث ، حيث طبقوه على ماء الاستنجاء لأنه أيضاً ماء مزيل للنجاسة. واشتمل بعضها الآخر على دعوى الإجماع على عدم رافعية خصوص ماء الاستنجاء.
ولا يمكن الاعتماد على شيء من تلك الإجماعات ، وذلك :
أمّا أوّلاً : فلما أثبتناه في محله من عدم حجية الإجماعات المنقولة والإجماعات المدعاة في المقام من هذا القبيل ، فان المراد بالإجماع المنقول هو الإجماع الذي لم يبلغ نقله حد التواتر كي يفيد القطع بقول المعصوم عليهالسلام وإن نقله غير واحد منهم ، ومن الظاهر أن ما ادعاه العلاّمة وغيره من الإجماع غير مفيد للقطع بحكم الإمام بعدم جواز استعمال ماء الاستنجاء في رفع الحدث ، بل ولا يفيد الظن الشخصي أيضاً بالحكم ، وغاية ما هناك أن يفيد الظن نوعاً وهو مما لا يمكن الاعتماد عليه.
وأمّا ثانياً : فلأن بعض مدعي الإجماع في المسألة استند في حكمه ذلك إلى رواية عبد الله بن سنان ، ومع العلم بمدرك المجمعين أو احتماله كيف يكون الإجماع تعبدياً كاشفاً عن قول الإمام عليهالسلام بل يكون الإجماع مدركياً ولا بدّ من مراجعة مدركه ، فاذا ناقشنا فيه سنداً أو دلالة يسقط الإجماع عن الاعتبار ، ومن ذلك يظهر أنّا لو علمنا باتفاقهم أيضاً لم يمكن أن نعتمد عليه لأنه معلوم المدرك أو محتملة فلا يحصل العلم من مثله بقول الإمام عليهالسلام.
وأمّا ثالثاً : فلأن من المحتمل أن دعواهم الإجماع إنما هي من جهة ذهابهم إلى نجاسة الغسالة مطلقاً ، وعلى ذلك فحكمهم بعدم ارتفاع الحدث بماء الاستنجاء على القاعدة ، فإن النجس لا يكفي في رفع الحدث ، فليس هذا من الإجماع التعبدي في شيء.
وأمّا رواية عبد الله بن سنان (١) التي استند إليها بعض المانعين فهي التي قدمنا نقلها (٢) عن أحمد بن هلال حيث ورد فيها « الماء الذي يغسل به الثوب ، أو يغتسل به
__________________
(١) الوسائل ١ : ٢١٥ / أبواب الماء المضاف ب ٩ ح ١٣.
(٢) في ص ٢٨٣.