الرجل من الجنابة لا يجوز أن يتوضأ منه وأشباهه » وتقريب الاستدلال بها أن ذكر الوضوء في الرواية إنما هو من باب المثال والغرض مطلق رفع الحدث به فيعم الغسل أيضاً ، كما أن الثوب ذكر فيها من باب المثال فان المستعمل في غسل غير الثوب أيضاً محكوم بهذا الحكم ، ويدلُّ عليه ذيل الحديث « وأمّا الذي يتوضأ الرجل به فيغسل وجهه ويده في شيء نظيف فلا بأس ... » أو نلحق الغسل بالوضوء من جهة قوله عليهالسلام « وأشباهه » أي لا يجوز الوضوء وأشباه الوضوء كالغسل ، فالرواية تدل على أن الماء إذا غسل فيه شيء طاهر نظيف فلا بأس باستعماله في الوضوء والغسل وأمّا إذا غسل فيه شيء غير نظيف فلا يصح استعماله في رفع الحدث مطلقاً ، ومن ذلك يظهر حكم ماء الاستنجاء أيضاً فإن مقتضى الرواية عدم كفايته في رفع شيء من الغسل والوضوء حيث غسل به شيء قذر.
ويدفعه : أن الرواية كما قدمناها ضعيفة سنداً ودلالة ، أمّا بحسب السند ، فلأجل أحمد بن هلال الواقع في طريقها فإنّه مرمي بالنصب تارة وبالغلو اخرى ، وبما أن البعد بين المذهبين كبعد المشرقين استظهر شيخنا الأنصاري (١) قدسسره أن الرجل لم يكن له دين أصلاً (٢).
وأمّا بحسب الدلالة ، فلأن الاستدلال بها إنما يتم فيما إذا قلنا بطهارة الغسالة مطلقاً أو بطهارة بعضها ونجاسة بعضها الآخر ، حيث يصح أن يقال حينئذٍ إن الرواية دلت بإطلاقها على أن الحدث لا يرتفع بالغسالة مطلقاً ولو كانت محكومة بالطهارة كماء الاستنجاء. وأمّا إذا بنينا على نجاسة الغسالة فلا يمكن الاستدلال بها على عدم كفاية ماء الاستنجاء في رفع الحدث ، حيث لا بدّ حينئذٍ من الاقتصار على مورد الرواية وهو الغسالة النجسة ، ولا يمكن التعدي عنه إلى ماء الاستنجاء لأنه محكوم بالطهارة ولعلّه عليهالسلام إنما منع عن استعمال الغسالة في رفع الحدث من جهة نجاستها فالرواية لا تشمل ماء الاستنجاء كما أن أكثر المانعين لولا جلهم ذهبوا إلى نجاسة
__________________
(١) كتاب الطهارة : ٥٧ السطر ١٩.
(٢) تقدّم [ في ص ٢٨٨ ] أن الرجل موثق ولا ينافيه رميه بالنصب أو الغلو كما مرّ.