بخاراً ثم ماء (١).
______________________________________________________
طهارة المائع المتنجِّس بالتصعيد
(١) قد عرفت أن هذا هو الحق الصراح الذي يدعمه البرهان ، فإن الحاصل بالتصعيد موجود مغاير للموجود السابق وهو ماء مطلق ، فلا وجه للتوقف في الحكم بطهوريته ، إذ لا تختص ذلك بالماء النازل من السماء كما مرّ إلاّ أن له لازماً لا ندري أن السيد قدسسره هل يلتزم به أو لا ، وهو الحكم بطهارة الماء المصعّد من الأعيان النجسة ، كالمصعد من الخمر والبول والميتة النجسة كالكلب ، وإن كان مقتضى ما ذكره قدسسره في الكلام على الاستحالة من طهارة بخار البول هو الالتزام بذلك مطلقاً.
والحق أنّه لا مانع من الحكم بطهارته في جميع الموارد ، اللهم إلاّ أن ينطبق على المصعّد عنوان آخر نجس ، وهذا كما في المصعّد من الخمر المعبّر عنه عندهم بالعَرَق فإنّه كأصله مسكر محكوم بالنجاسة شرعاً (١).
__________________
(١) وهذا لا ينافي ما ذكرناه في الجزء الثاني من كتاب الطّهارة ذيل مسألة ٢٠١ من أنّ مقتضى القاعدة طهارة المادّة المتّخذة من الخمر المعبّر عنها بجوهر الخمر ( اسپرتو ) التي تتحصّل بتبخيرها ، وذلك لأنّ العَرَق الذي حكمنا بنجاسته هو الذي يُعدّ من جملة الخمور وشربه أمر متعارف عند أهله ، ولا فرق بينه وبين غيره من الخمور إلاّ في أنّه يشتمل على المادة الألكليّة بنسبة الأربعين في المائة في العَرَق العراقي فما زاد ، وأمّا بقيّة الخمور فمنها ما يشتمل على المادة الألكليّة بنسبة العشرة في المائة ، ومنها غير ذلك ممّا لا حاجة إلى ذكره. كما أنها في الفقّاع بنسبة الخمسة في المائة كذا في بعض الكتب الكيمياوية الحديثة وأمّا الاسپرتو وجوهر الخمر فهو عبارة عن نفس المادّة الألكليّة التي منها تتكوّن المسكرات على اختلاف أقسامها وهي غير قابلة للشرب بوجه ، وهذا هو الذي حكمنا بطهارته على طبق القاعدة. فالعَرَق والأسپرتو موضوعان متغايران وإن اشتركا في بعض مقدّمات صنعهما وتحصيلهما.