وأمّا المذي والوذي والودي فطاهر من كل حيوان إلاّ نجس العين (١)
______________________________________________________
فلو كنّا نحن وهذه الأخبار لحكمنا بطهارة المني في هذه المسألة إلاّ أن الإجماع القطعي قام على نجاسة المني من كل ما له نفس سائلة وإن كان محلل الأكل ، وهذا الإجماع يصير قرينة على التصرف في الموثقة بحملها على غير المني من البول والروث ونحوهما.
وأمّا المسألة الرابعة : فلم يقم على نجاسة المني مما لا نفس له دليل سواء كان محللاً أم محرماً ، وقد عرفت قصور الأدلة عن إثبات النجاسة في مني ما يؤكل لحمه إذا كان له نفس سائلة فضلاً عما لا نفس له ، مضافاً إلى ما ورد من أنه « لا يفسد الماء إلاّ ما كانت له نفس سائلة » (١) لأنها شاملة للمنيّ منه كما تشمل البول وغيره من أجزائه ، وبذلك نحكم بعدم نجاسة المني في الأسماك والحيات ونظائرهما.
تتميم : أن الفيومي في المصباح فسر المني بماء الرجل (٢) ، وفي القاموس فسره بماء كل من الرجل والمرأة (٣) ، ومن هنا توهّم بعضهم عدم شمول ما دلّ على نجاسة المني لمني غير الإنسان بدعوى قصور الأدلة عن إثبات نجاسته في نفسها إلاّ أن الظاهر أن تعريفهما من باب بيان أظهر الأفراد للقطع بعدم الفرق بين أفراده ، لأنه عبارة عن ماء دافق يخرج عند الشهوة على الأغلب وهذا لا فرق فيه بين الإنسان وغيره من الحيوانات ، فلا إجمال للفظ حتى يرجع فيه إلى تفسير اللغوي.
(١) أمّا المذي فقد ذهب العامة إلى نجاسته (٤) حتى من يقول منهم بطهارة المني
__________________
(١) وهو ما رواه حفص بن غياث عن جعفر بن محمد عن أبيه. المروية في الوسائل ٣ : ٤٦٤ / أبواب النجاسات ب ٣٥ ح ٢.
(٢) لاحظ المصباح المنير : ٥٨٢.
(٣) القاموس ٤ : ٣٩١.
(٤) أفتى فقهاء المذاهب الأربعة بنجاسة المذي الخارج من الإنسان كما في المهذب للشيرازي الشافعي ج ١ ص ٤٧ وبدائع الصنائع للكاشاني الحنفي ج ١ ح ص ٩٠ والمغني لابن قدامة الحنبلي ج ١ ص ٧٣١ ، وشرح صحيح الترمذي للقاضي ابن العربي المالكي ج ١ ص ١٧٦.