الرواية يشمل النجس والمتنجس إذا لاقى ماء البئر وغيره بأحد أوصاف النجاسة وإنّما خرجنا من إطلاقها فيما إذا غيّره بأوصاف نفسه من أجل ما استفدناه من القرينة الداخلية كما مرّ ، وهذا الوجه هو الذي ينبغي أن يعتمد عليه في المقام.
ثالثها : وهو وجه عقلي حاصله : أن الماء المتنجس الحامل لأوصاف النجس إذا لاقى كراً وغيّره بأحد أوصاف النجس فهو لا يخلو عن أحد أوجه ثلاثة :
فإمّا أن نقول ببقاء كل من الملاقي والملاقى على حكمهما ، فالماء المتنجس نجس والكر المتغيّر طاهر ، وهو مما نقطع ببطلانه فإن الماء الواحد لا يحكم عليه بحكمين ، أو نقول بطهارة الجميع ، وهو أيضاً مقطوع الخلاف لما ثبت بغير واحد من الأدلّة الآتية في محلّها من أن الماء المتغيّر لا يطهر من دون زوال تغيّره ، والقول بطهارة الجميع في المقام قول بطهارة الماء المتغيّر وهو الذي لاقى كراً مع بقاء تغيره ، وهو خلاف ما ثبت بالأدلة التي أشرنا إليها آنفاً ، أو نقول بنجاسة الجميع وهو المطلوب.
والجواب عن ذلك أن هذا الوجه ينحل إلى صور ثلاث :
الاولى : أن يكون الماء المتغيّر موجباً لتغيّر الكر بأحد أوصاف النجاسة مع استهلاكه في الكر لكثرته وقلّة المتغيّر.
الثانية : الصورة مع استهلاك الكر في المتغيّر لكثرته بالإضافة إلى الكر ، كما هو الحال في ماء الأحواض الصغيرة في الحمّامات ، فإنّه إذا تغيّر بنجس ولاقاه الكر الواصل إليه بالأنابيب ، فلا محالة يوجب تغيّر الواصل واستهلاكه لقلته بالإضافة إلى ماء الحياض ، فإنّه يصل إليه تدريجاً لا دفعة.
الثالثة : الصورة من دون أن يستهلك أحدهما في الآخر لتساويهما في المقدار. وهذه صور ثلاث :
أمّا الصورة الأُولى : فنلتزم فيها بطهارة الجميع ولا منافاة في ذلك للأدلّة الدالّة على عدم طهارة المتغيّر إلاّ بارتفاع تغيّره ، وذلك لأنّها إنّما تقتضي نجاسته مع بقاء التغيّر على تقدير بقاء موضوعه ، وهو الماء المتغيّر لا على تقدير الارتفاع وانعدام موضوعه بالاستهلاك في كر طاهر.