لانفعاله لبيّنه عليهالسلام لأنّه من وظائف الإمام ، فمن عدم بيانه يظهر أن الجاري لا ينفعل بملاقاة النجس.
ويدفعه : أن بيان حكم الماء من حيث نجاسته وطهارته وإن كان وظيفة الإمام عليهالسلام إلاّ أنّه ليس بصدد بيانهما في هذه الأخبار ، ولا في روايات كفاية الغسل مرة في الجاري ، ومع أنّه عليهالسلام ليس في مقام البيان كيف يسند إليه الحكم بطهارة الجاري.
ومما يدلنا على ذلك أنّه عليهالسلام في تلك الأخبار قد أمر بغسل الثياب في المركن مرتين ولم يبيّن نجاسة الماء الموجود في المركن ، مع أنّه ماء قليل ، ولا إشكال في انفعاله بالملاقاة ، فهل يصح الاستدلال على طهارة الماء الموجود في المركن بعدم بيانه عليهالسلام نجاسة الماء.
وثانيتهما : ما تضمّن السؤال عن حكم الماء الجاري الذي يبال فيه ، ولا بأس بدلالتها على عدم انفعال الجاري بملاقاة النجس مطلقاً ولو كان قليلاً ، وهي موثقة سماعة قال : « سألته عن الماء الجاري يبال فيه؟ قال : لا بأس به » (١) ودلالتها على طهارة الجاري القليل ظاهرة لإطلاقها.
ودعوى : أن الجاري القليل في غاية الندرة وقليل الوجود وهو بحكم المعدوم والأخبار ناظرة إلى الجاري كثير الدوران والوجود ، وهو الجاري الكثير فلا تشمل الجاري القليل. مدفوعة : بأنّها إنّما تتم في بعض الأمكنة ولا تتم في جميعها وقد شاهدنا الجاري القليل في بلادنا وغيرها كثيراً ، فالروايات تشمل لكل من الجاري الكثير والقليل.
هذا ويمكن أن يقال : لا دلالة على اعتصام الجاري في الطائفة الثانية أيضاً ، لأن السؤال في مثلها كما يمكن أن يكون عن الموضوع والمسند إليه ، كذلك يمكن أن يكون عن المحمول والمسند ، فكما يصح إرجاع « لا بأس به » إلى الماء الجاري الذي هو المسند إليه ، كذلك يمكن إرجاعه إلى البول المستفاد من جملة « يبال فيه » الذي هو
__________________
(١) الوسائل ١ : ١٤٣ / أبواب الماء المطلق ب ٥ ح ٤.