المسند وبذلك تصير الرواية مجملة ونظير هذا في الأخبار كثير :
منها : ما في صحيحة الحلبي قال : « سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الرجل يغتسل بغير إزار حيث لا يراه أحد؟ قال : لا بأس » (١). فإن قوله عليهالسلام لا بأس يرجع إلى الاغتسال لا إلى الرجل الذي هو المسند إليه.
ومنها : ما ورد في صلاة النافلة : من أن الرجل يصلي النافلة قاعداً وليست به علّة في سفر أو حضر فقال : لا بأس به (٢) فإنّه يرجع إلى صلاة النافلة حال الجلوس لا إلى الرجل كما هو ظاهر ، وكيف كان فيحتمل أن يكون الضمير في المقام أيضاً راجعاً إلى البول في الماء الجاري لا إلى الماء الجاري نفسه ، بل مغروسية كراهة البول في الماء في الأذهان تؤكد رجوع قوله « لا بأس به » إلى البول في الماء الجاري.
واستدلّ على اعتصام الجاري القليل ثانياً بمرسلة الراوندي عن علي عليهالسلام : « الماء الجاري لا ينجسه شيء » (٣) ورواية الفقه الرضوي : « كل ماء جار لا ينجسه شيء » (٤) وخبر دعائم الإسلام عن علي عليهالسلام في الماء الجاري يمر بالجيف والعذرة والدم : « يتوضأ منه ويشرب منه وليس ينجسه شيء ... » (٥).
ولا فرق بين الأوليين إلاّ في أن دلالة إحداهما بالعموم ، ودلالة الأُخرى بالإطلاق ، ولا إشكال في دلالة الروايات المذكورة على المدعى إلاّ أن مرسلة الراوندي ضعيفة بإرسالها ، ورواية الدعائم أيضاً مما لا يصح الاعتماد عليه ، وهذا لا لأجل ضعف مصنفه وهو القاضي نعمان المصري فإنّه فاضل جليل القدر ، بل من جهة إرسال رواياته على ما قدمناه في بحث المكاسب مفصّلاً (٦) وأمّا الفقه الرضوي فهو لم
__________________
(١) الوسائل ٢ : ٤٣ / أبواب آداب الحمّام ب ١١ ح ١.
(٢) كما في رواية سهل بن اليسع المروية في الوسائل ٥ : ٤٩٢ / أبواب القيام ب ٤ ح ٢.
(٣) نوادر الراوندي : ٣٩ ( المستدرك ١ : ١٩١ / أبواب الماء المطلق ب ٥ ح ٤ ).
(٤) فقه الرضا : ٥ ( المستدرك ١ : ١٩٢ / أبواب الماء المطلق ب ٥ ح ٦ ).
(٥) دعائم الإسلام : ١١١ ( المستدرك ١ : ١٩١ / أبواب الماء المطلق ب ٥ ح ٢ ).
(٦) مضمون رواية الدعائم وإن ورد في كتاب الجعفريات : ١ أيضاً وكنّا نعتمد على ذلك الكتاب