يثبت حجيته بل لم تثبت أنّه رواية ليدعى انجبارها بعمل المشهور على ما أشرنا إليه غير مرة.
واستدلّ على اعتصام الماء الجاري ثالثاً والمستدل هو المحقق الهمداني (١) بما ورد في تطهير الثوب المتنجس بالبول من الأمر بغسله في المركن مرتين وفي الماء الجاري مرة واحدة (٢) ، وقد استدلّ بها بوجهين :
أحدهما : أن الجاري لو كان ينفعل بملاقاة النجس لبيّنه عليهالسلام حيث إن بيان نجاسة الأشياء وطهارتها وظيفة الإمام ، وبما أنّه في مقام البيان ، وقد سكت عن بيانه ، فنستفيد منه عدم انفعال الجاري بالملاقاة.
وثانيهما : أن من شرائط التطهير بالماء القليل أن يكون الماء وارداً على النجس ولا يكفي ورود النجس على الماء لأنّه ينفعل بملاقاة النجس ومع الانفعال لا يمكن أن يطهر به المتنجس بوجه ، وهذا كما إذا وضع أحد يده المتنجسة على ماء قليل فإنّه ينجس القليل لا محالة فلا يطهر به المتنجس بوجه ، وهذا ظاهر وقد استفدنا ذلك من الأخبار الآمرة بصب الماء على المتنجس مرّة أو مرّتين (٣). وهذه الرواية قد فرضت ورود النجاسة على الجاري لقوله عليهالسلام : « اغسله في المركن مرّتين فإن غسلته في ماء جار فمرّة واحدة ». فلو لا إلحاقه عليهالسلام الجاري مطلقاً إلى الكر الذي لا ينفعل بوقوع النجس عليه ، لم يكن وجه لحكمه عليهالسلام بطهارة الثوب المتنجس بالبول فيما إذا غسلناه في الجاري ، بل اللاّزم أن يحكم حينئذٍ بانفعال الجاري القليل لوقوع النجس عليه ، فالرواية دلت بالدلالة المطابقية على عدم انفعال الجاري بملاقاة النجس تنزيلاً له منزلة الكر في الاعتصام ، سواء أوقع الجاري على النجس أم
__________________
في سالف الزمان إلاّ أنّا رجعنا عنه أخيراً لأن في سند الكتاب موسى بن إسماعيل ولم يتعرضوا لوثاقته في الرجال فلا يمكن الاعتماد عليه.
(١) مصباح الفقيه ( الطهارة ) : ٨ السطر ١١.
(٢) وهي صحيحة محمد بن مسلم المروية في الوسائل ٣ : ٣٩٧ / أبواب النجاسات ب ٢ ح ١.
(٣) كما في رواية أبي إسحاق النحوي المروية في الوسائل ٣ : ٣٩٥ / أبواب النجاسات ب ١ ح ٣ ، ورواية الحلبي في الوسائل ٣ : ٣٩٧ / أبواب النجاسات ب ٣ ح ٢.