أحكامه وآثاره ، كما إذا ورد : العصير خمر فلا تشربه أو قال : لا تشرب العصير لأنه خمر ، لأنّ لفظة « فاء » ظاهرة في التفريع وتدل على أن حرمة الشرب من الأُمور المتفرعة على تنزيل العصير منزلة الخمر مطلقاً ، وكذلك الحال في المثال الثاني لأنه كالتنصيص بأن النهي عن شربه مستند إلى أنه منزّل منزلة الخمر شرعاً ، وبذلك يحكم بنجاسة العصير لأنها من أحد الآثار المترتبة على الخمر.
وقد يكون التنزيل بلحاظ بعض الجهات والآثار ولا يكون ثابتاً على وجه الإطلاق كما هو الحال في المقام ، لأن قوله عليهالسلام « خمر لا تشربه » إنما يدل على أن العصير منزّل منزلة الخمر من حيث حرمته فحسب ، ولا دلالة له على تنزيله منزلة الخمر من جميع الجهات والآثار وذلك لعدم اشتماله على لفظة « فاء » الظاهرة في التفريع ، حيث إن جملة « لا تشربه » وقوله « خمر » بمجموعهما صفة للعصير أو من قبيل الخبر بعد الخبر أو أنها نهي ، وعلى أي حال لا دلالة له على التفريع حتى يحكم على العصير بكل من النجاسة والحرمة وغيرهما من الآثار المترتبة على الخمر.
فتحصّل أنّ الصحيح هو القول الثاني ، ولا دليل على نجاسة العصير بالغليان كما هو القول الآخر.
هذا وقد يفصّل في المسألة بين ما إذا كان غليان العصير مستنداً إلى النار فيحكم بحرمته ويكون ذهاب ثلثيه محللاً حينئذ ، وبين ما إذا استند إلى نفسه أو إلى حرارة الهواء أو الشمس فيحكم بنجاسته إلاّ أن ذهاب الثلثين حينئذ لا يرفع نجاسته ، لأنّ حاله حال الخمر فلا يطهّره إلاّ تخليله. وهذا التفصيل نسب من القدماء إلى ابن حمزة في الوسيلة (١) واختاره شيخنا شيخ الشريعة الأصفهاني قدسسره في رسالته إفاضة القدير التي صنفها في حكم العصير ، وقد نسبه إلى جماعة منهم ابن إدريس (٢) والشيخ الطوسي في بعض كلماته (٣).
__________________
(١) الوسيلة : ٣٦٥.
(٢) السرائر ٣ : ١٣٠.
(٣) النهاية : ٥٩١.