ملاقاته لأحدهما فلم تشهد عليه البيِّنة على الفرض. نعم ، هو مدلول التزامي للشهادتين وقد عرفت أنّ الدلالة الالتزامية تابعة للدلالة المطابقية حدوثاً وحجية ومع سقوط الشهادتين عن الحجية في مدلولهما المطابقي لا يبقى مجال لحجيتهما في مدلولهما الالتزامي.
ولا فرق في ذلك بين ما إذا نفى كل منهما قول الآخر وما إذا شهد بملاقاة الإناء للبول من غير أن ينفي ما شهد به الآخر وهو ملاقاته للدم في المثال ، وذلك لأنّا إن بنينا على حجية الدلالة الالتزامية وإن سقطت الدلالة المطابقية عن الاعتبار فلا محيص من أن نلتزم بثبوت النجاسة في كلتا الصورتين لدلالة الشهادتين على ملاقاة الإناء لأحدهما بالالتزام نفى كل منهما الآخر أم لم ينفه ، ومن هنا التزم صاحب الكفاية قدسسره في مبحث التعادل والترجيح أن الدليلين المتعارضين ينفيان الثالث بالدلالة الالتزامية مع سقوطهما عن الاعتبار في مدلولهما المطابقي بالمعارضة لنفي كل منهما الآخر فالتنافي بينهما غير مانع عن حجية المدلول الالتزامي حينئذ (١). وأما إذا بنينا على أن الدلالة الالتزامية تتبع الدلالة المطابقية حدوثاً وحجية كما هو الصحيح فلا يمكننا الحكم بنجاسة الملاقي في شيء من الصورتين لسقوط الدلالة المطابقية عن الحجية وبه تسقط الدلالة الالتزامية أيضاً عن الاعتبار ، فنفي أحدهما الآخر وعدمه سيان فلا تثبت بهما نجاسة الملاقي ، هذا كله مجمل القول في المسألة.
وأما تفصيله : فهو أن المشهود به قد يكون موجوداً واحداً شخصياً في كلتا الشهادتين إلاّ أنهما يختلفان في عوارضه وطوارئه أو يختلفان في صنفه أو في نوعه مع التحفظ على وحدة الموجود المشهود به ، وأُخرى يكون المشهود به وجودين مختلفين قد شهد كل من الشاهدين بكل منهما مع اختلافهما في عوارضهما أو في صنفهما أو في نوعهما وهذه صور اختلاف الشاهدين.
أما إذا كان المشهود به موجوداً واحداً شخصياً واختلف الشاهدان في عوارضه كما إذا شهد كل منهما على أن قطرة بول وقعت في الإناء وادّعى أحدهما أنها وقعت فيه
__________________
(١) كفاية الأُصول : ٤٣٩.