[٢٣٧] مسألة ٩ : المتنجِّس لا يتنجّس ثانياً ولو بنجاسة أُخرى ، لكن إذا اختلف حكمهما يرتب كلاهما فلو كان لملاقي البول حكم ولملاقي العذرة حكم آخر يجب ترتيبهما معاً ، ولذا لو لاقى الثوب دمٌ ثم لاقاه البول يجب غسله مرّتين ، وإن لم يتنجس بالبول بعد تنجسه بالدم وقلنا بكفاية المرة في الدم. وكذا إذا كان في إناء ماء نجس ثم ولغ فيه الكلب يجب تعفيره وإن لم يتنجّس بالولوغ. ويحتمل أن يكون للنجاسة مراتب في الشدّة والضعف ، وعليه فيكون كل منهما مؤثراً ولا إشكال (١).
______________________________________________________
الظرف ، فحكم المائعات اليابسة حكم الجوامد اليابسة ، ونظيره الفلزات المذابة كالذهب والفضّة والنحاس ونحوها لأنها إذا صُبّت في ظرف نجس كالبوتقة النجسة لا يحكم بتنجسها لأنها مائع جاف لا يؤثر في الأشياء اليابسة ولا يتأثر منها ، ومع عدم السراية والرطوبة لا يحكم بنجاستها. نعم ، إذا فرضنا أن الزئبق أو الفلز المذاب لاقى نجساً أو متنجِّساً وهو رطب ، كالدهن المتنجس المصبوب في البوتقة كما يستعمل في الصياغة فإنه يحكم بتنجّس الزئبق أو الفلز لتأثرهما من النجس أو المتنجِّس الرطبين.
ثم إنّها إذا تنجست فقد نقطع أن النجاسة إنما أثّرت في سطحها الظاهر فقط فحينئذ إذا غسلنا سطحها طهرت كغيرها من المتنجسات ، وقد نعلم أن النجاسة أثّرت في جميع أجزاء الفلز الداخلية منها والخارجية لتصاعدها وتنازلها حال إذابتها فإنه قد تسري النجاسة بذلك إلى الجميع فيشكل تطهيرها حينئذ ، لعدم إمكان إيصال المطّهر إلى كل واحد من الأجزاء الظاهرية والداخلية فلا مناص من أن تبقى على نجاستها إلى الأبد. وعلى الجملة أن الفلز حال ذوبانه إذا أمكن أن يتنجس بمثل الدهن أو البول ونحوهما يخرج بذلك عن قابلية الطهارة إلى الأبد ، وأظهر من ذلك ما لو تنجّس الفلز أوّلاً ثم اذيب ، لأنّ الذوبان في مثله يوجب سراية النجاسة إلى باطنه وبه يسقط عن قابلية الطهارة كما عرفت.
(١) الكلام في هذه المسألة في أن الاشكال الذي كان يرد على كلامه إذا أنكرنا