والعجب من صاحب الكفاية وغيره ممن تأخر عنه ومنهم المرحوم الآقا رضا الأصفهاني قدسسرهم حيث ذكروا أن تنجيس المتنجس مما لم يرد في شيء من الروايات. وكيف كان ، فهذه الأخبار بإطلاقها يكفي في الحكم بتنجيس المتنجس كما عرفت.
إلاّ أن الكلام كله في أن تنجيس المتنجس هل يختص بالمتنجس بلا واسطة أعني ما تنجس بالعين النجسة من غير واسطة ، أو أنه يعمّه والمتنجس بالمتنجس وهكذا ولو إلى ألف واسطة؟ حيث إن الأخبار المتقدمة بحسب الغالب واردة في المتنجس بلا واسطة كما في الأواني والفرش ونحوهما ، وأما المتنجس بالمتنجس ومع الواسطة فلم يدل على تنجيسه شيء فيحتاج تعميم الحكم له إلى إقامة الدليل.
فقد يقال بالتعميم ويستدل عليه بصحيحة البقباق ، قال : « سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن فضل الهرّة والشّاة والبقرة والإبل إلى أن قال فلم أترك شيئاً إلاّ سألته عنه ، فقال : لا بأس به حتى انتهيت إلى الكلب فقال : رجس نجس لا تتوضأ بفضله واصبب ذلك الماء واغسله بالتراب أوّل مرّة ثم بالماء » (١) بتقريب أنها دلّت على أنّ المناط في تنجّس الماء وعدم جواز استعماله في الشرب أو الوضوء إنما هو ملاقاته النجس ، والنجس كما يشمل الأعيان النجسة كذلك يشمل المتنجسات ، وحيث إن قوله عليهالسلام « رجس نجس » بمنزلة كبرى كلية للصغرى المذكورة في كلامه أعني ملاقاة الماء للنجس وكالعلة للحكم بعدم جواز شربه أو التوضؤ منه ، فلا محالة يتعدى من الكلب في الصحيحة إلى كل نجس أو متنجس ، لأنّ العلّة تعمّم الحكم كما أنها قد تخصّصه وكأنه قال : هذا ماء لاقى نجساً وكل ما لاقى النجس لا يتوضأ به ولا يجوز شربه ، وهذا يأتي فيما إذا لاقى الماء مثلاً بالمتنجس فيقال : إنه لاقى نجساً وكل ما لاقى النجس لا يجوز شربه ولا التوضؤ به ، وهكذا تتشكل صغرى وكبرى في جميع ملاقيات النجس والمتنجس سواء كان مع الواسطة أم بدونها ونتيجته الحكم بتنجيس المتنجس ولو بألف واسطة.
__________________
(١) الوسائل ١ : ٢٢٦ / أبواب الأسآر ب ١ ح ٤.