[٢٤٦] مسألة ٥ : إذا صلّى ثم تبين له كون المسجد نجساً كانت صلاته صحيحة وكذا إذا كان عالماً بالنجاسة ثم غفل وصلّى (١) وأما إذا
______________________________________________________
(١) إذا بنينا على أن عصيان الأمر بالإزالة مع العلم به ولو مع التمكن منها وعدم اشتغال الغير بها غير مستلزم لبطلان الصلاة وإن كان المكلف يستحق بذلك العقاب لتركه المأمور به المنجز في حقه فلا وقع للكلام على الصحة مع الغفلة أو الجهل ، وأما إذا بنينا على بطلانها حينئذ فللنزاع في الصحة مع الغفلة أو الجهل مجال فنقول : أما الغافل فلا ينبغي الإشكال في صحة صلاته لأن الغافل كالناسي لا تكليف في حقه ، إذ التكاليف بأسرها مشروطة بالقدرة على امتثالها والغافل لعدم التفاته غير متمكن من الامتثال ، ولا يمكن قياسه بالجاهل لأنه متمكن من امتثال ما جهله بالاحتياط ولا يتمكن الغافل من ذلك لعدم التفاته ، فحيث إن المكلف غير مأمور بالإزالة فلا إشكال في صحة صلاته.
وأما الجاهل كمن رأى رطوبة في المسجد ولم يدر أنها بول أو مائع طاهر ، فبنى على عدم نجاسة المسجد بأصالة الطهارة أو أصالة عدم كون الرطوبة بولاً فصلّى ، ثم انكشف أنها رطوبة بول مثلاً ، فالحكم ببطلان صلاته وصحتها يبتني على لحاظ أن الحكم ببطلانها عند العلم بوجود النجاسة ، هل هو من جهة مزاحمة الأمر بالصلاة مع الأمر بالإزالة أو أنه من جهة تنافي الحكمين واستلزام ذلك التقييد في دليل الواجب؟ لأن الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضده ، والنهي في العبادة يقتضي الفساد سواء أكان النهي نفسياً أم كان غيرياً.
فان استندنا في الحكم ببطلان الصلاة إلى التزاحم وعدم قدرة المكلف على امتثال كلا الحكمين ، وأن الأمر بالإزالة لمكان أنها أهم يسلب القدرة عن الصلاة ، ومع عدم القدرة لا تكليف بها ، والعبادة من غير أمر تقع فاسدة كما نسب إلى البهائي (١) قدسسره حيث إن الأمر بالشيء وإن لم يقتض النهي عن ضده إلاّ أنه يقتضي عدم الأمر
__________________
(١) نسبه إليه في كفاية الأُصول : ١٣٣ ، وانظر زبدة الأُصول : ٨٢.