نَجَسٌ ... ) (١) أو إلى النبوي : « جنِّبوا مساجدكم النجاسة » (٢) وحملنا النجس على الأعم من النجاسات والمتنجسات لدلا على وجوب إزالة النجاسة عن الحصر والفرش وغيرهما من آلات المساجد لوجوب تجنيب المساجد عنهما وعدم إدخالها فيها.
إلاّ أنك عرفت عدم تمامية الاستدلال بشيء من الآية والرواية ، لأن النجس بمعناه الحدثي المصدري وقد أُطلق على المشركين لشدة خباثتهم ونجاستهم الباطنية والظاهرية ، فلا يمكن التعدي عن مثلها إلى سائر النجاسات فضلاً عن المتنجسات كما أن النبوي مخدوش بحسب الدلالة والسند. فتحصل : أنه لا دليل على وجوب إزالة النجاسة عن آلات المساجد فللمكلف أن يفرش عباءه المتنجس في المسجد ويصلي عليه ولا يجب إخراجه عن المسجد. نعم ، يحرم تنجيس أدواته لأنّ التصرّف في الوقوف في غير الجهة التي أُوقفت لأجلها محرم والحصير إنما أُوقف لأنّ يصلّى فوقه ولم يوقف لتنجيسه. نعم ، في مثل أسلاك المسجد ومنابرها وغيرها من المواضع التي لم توقف للعبادة لا دليل على حرمة تنجيسها لعدم منافاته لجهة الوقف.
الجهة الثانية : أن الحصر والفرش وغيرهما من آلات المسجد إذا دار أمرها بين إخراجها من المسجد لتطهيرها ثم إرجاعها إليه ، وبين قطع الموضع المتنجس منها من دون إخراجها وتطهيرها فهل الأرجح هو القطع أو التطهير بإخراجها أو أن الأمرين متساويان؟ الصحيح أن ذلك لا يدخل تحت ضابط كلي لأن المصلحة قد تقتضي التطهير دون القطع ، كما إذا فرضنا الفرش المتنجس من فرش قاسان فان قطع مقدار من مثله يوجب سقوطه عن المالية ، فلا إشكال في مثله في تعين التطهير بإخراجه من المسجد ثم إرجاعه إليه ، وقد ينعكس الأمر كما إذا كان الحصير المتنجس كبيراً غايته فان نقله من مكانه ثم إرجاعه إليه يذهب بقوته وينقص من عمره ، بخلاف ما إذا قطعنا مقداراً قليلاً منه كمقدار حمصة ونحوها فالمتعين في مثله القطع لا محالة. وعلى
__________________
(١) التوبة ٩ : ٢٨.
(٢) الوسائل ٥ : ٢٢٩ / أبواب أحكام المساجد ب ٢٤ ح ٢.