[٢٦٩] مسألة ٢٨ : وجوب تطهير المصحف كفائي لا يختصّ بمن نجّسه (١)
______________________________________________________
موضوع وجوب الإنفاق وحفظ النفس المحترمة على المكلفين ، ولا يحكم عليه بضمان ما ينفقه الناس على أولاده. وأما النقص الحاصل في قيمة الكتاب بتطهيره فضمانه أيضاً غير متوجه إلى من نجّسه لما عرف من أن للضمان سببين ولم يتحقق شيء منهما على الفرض. نعم ، لو كان المنجّس هو الذي باشر تطهيره لأمكن الحكم بضمانه لاستناد النقص إلى عمله لأنه إنما حصل بفعل المزيل لا بتنجيس الكتاب.
وعلى الجملة المنجّس إذا لم يباشر الإزالة بنفسه لا يحكم بضمانه للنقص الحاصل بتطهيره ، وعليه فينحصر ضمان المنجّس للنقص الطارئ على الكتاب بما إذا استند نقصان القيمة إلى مجرّد التنجيس مع قطع النظر عن تطهيره ، فان مقتضى قاعدة الضمان بالإتلاف ضمان المنجّس حينئذ حيث إنه أتلف وصفاً من أوصاف الكتاب بتنجيسه أعني طهارته الدخيلة في ماليته ، وقد مرّ أن الضمان بالإتلاف أو اليد لا يفرق فيه بين وصف الصحة وغيره من الأوصاف الكمالية التي لها دخل في مالية المال. والنسبة بين النقص الحاصل في هذه الصورة والنقص في الصورتين المتقدمتين عموم من وجه ، لأن النقص الحاصل بتنجيس الكتاب قد يكون أكثر من النقص الحاصل بتطهيره أو الأُجرة المبذولة لغسله ، وأُخرى يكون أقل منهما ، وثالثة يتساويان.
هذا كلّه فيما إذا كان المصحف للغير. وأما إذا كان المصحف ملكاً لمن نجّسه إلاّ أنه للعجز أو العصيان لم يباشر الإزالة ووجب تطهيره على غيره وتوقّف ذلك على صرف المال في سبيله ، فيأتي عليه الكلام في الحاشية الآتية ونبيّن هناك أن المالك المنجّس لا يضمن ما يصرفه المزيل في سبيل تطهير الكتاب.
(١) نظير وجوب الإزالة عن المسجد ، لعدم اختصاص أدلته بشخص دون شخص فلا فرق في ذلك بين مالك المصحف وغيره. وقد يقال باختصاص وجوب الإزالة بمن نجّسه كما قدّمناه عن بعضهم في الإزالة عن المسجد ويدفعه : ما أجبنا به هناك من أنّ القائل بالاختصاص إن أراد اختصاص وجوب الإزالة بالمنجّس بحيث لو عصى أو نسي سقط وجوبها عن بقية المكلفين ، ففيه أن ذلك لا يرجع إلى محصّل ولا يمكن